نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (20)

{ وأما الذين فسقوا } أي خرجوا عن دائرة الإيمان الذي هو معدن التواضع وأهل للمصاحبة والملازمة { فمأواهم النار } أي التي{[54809]} لا صلاحية فيها للإيواء{[54810]} بوجه من الوجوه أصلاً .

ولما كان السامع جديراً بالعلم بأنهم مجتهدون في الخلاص منها ، قال مستأنفاً لشرح{[54811]} حالهم : { كلما أرادوا } أي{[54812]} وهم مجتهدون فكيف إذا أراد بعضهم { أن يخرجوا منها } وهذا يدل على أنه يزاد في عذابهم بأن يخيل إليهم ما يظنون به القدرة على الخروج منها كما كانوا يخرجون بفسوقهم من محيط الأدلة و{[54813]} من دائرة الطاعات إلى{[54814]} بيداء المعاصي والزلات ، فيعالجون الخروج فإذا ظنوا أنه تيسر لهم وهم بعد في غمراتها { أعيدوا } بأيسر أمر وأسهله من أيّ من أمر بذلك { فيها{[54815]} } إلى المكان الذي كانوا فيه أولاً ، ولا يزال هذا دأبهم أبداً { وقيل } أي من أيّ قائل وكل بهم { لهم } أي عند الإعادة إهانة لهم : { ذوقوا عذاب النار } .

ولما وصف عذابهم في النار كان أحق بالوصف عند بيان سبب الإهانة بالأمر بالذوق مع أنه أحق من حيث كونه مضافاً محدثاً عنه فقال : { الذي كنتم } أي كوناً هو لكم كالجبلات ، وأشار إلى أن تكذيبهم به يتلاشى عنده كل تكذيب ، فكأنه مختص فقال : { به تكذبون * } فإن الإعادة بعد معالجة الخروج أمكن في التصديق باعتبار التجدد في كل آن .


[54809]:في ظ: الذي.
[54810]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للأدواء.
[54811]:في ظ وم ومد: شرح.
[54812]:زيد من ظ وم ومد.
[54813]:زيد من ظ ومد.
[54814]:في الأصل بياض، ملأناه من ظ وم ومد.
[54815]:وقع في الأصل بعد "أعيدوا" والترتيب من ظ وم ومد.