تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ، ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وهذا جراءة منهم على الله ، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم ، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

وقوله {[26344]} تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } {[26345]} أي : إذا استدل عليهم وبين لهم الحق ، وأن الله قادر على إعادة الأبدان بعد فنائها وتفرقها ، { مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي : أحيوهم إن كان ما تقولونه حقا .


[26344]:- (3) في ت: "وقال".
[26345]:- (4) في م: "عليه" وهو خطأ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

الضمير في : { عليهم } عائد على كفار قريش . والآيات : هي آيات القرآن وحروفه بقرينة قوله : { تتلى } وعابت هذه الآية سوء مقاولتهم ، وأنهم جعلوا بدل الحجة التمني المتشطط والطلب لما قد حتم الله أن لا يكون إلا إلى أجل مسمى .

وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن عامر فيما روى عنه عبد الحميد ، وعاصم فيما روى هارون وحسين عن أبي بكر عنه «حجتُهم » بالرفع على اسم { كان } والخبر في { أن } . وقرأ جمهور الناس «حجتَهم » بالنصب على مقدم واسم { كان } في { أن } .

وكان بعض قريش قد قال : أحي لنا قصياً فإنه كان شيخ صدق حتى نسأله ، إلى غير ذلك من هذا النحو ، فنزلت الآية في ذلك ، وقالوا لمحمد عليه السلام : { ائتوا } من حيث المخاطبة له ، والمراد هو وإلهه والملك الوسيط الذي ذكر هو لهم ، فجاء من ذلك جملة قيل لها { ائتوا } و { إن كنتم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

عطف على { وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون } [ الجاثية : 24 ] ، أي عقدوا على عقيدة أن لا حياة بعد الممات استناداً للأوهام والأقيسة الخيالية . وإذا تليت عليهم آيات القرآن الواضحة الدلالة على إمكان البعث وعلى لزومه لم يعارضوها بما يبطلها بل يهرعون إلى المباهتة فيقولون إن كان البعث حقاً فأتوا بآبائنا إن صدقتم . فالمراد بالآيات آيات القرآن المتعلقة بالبعث بدليل ما قبل الكلام وما بعده .

وفي قوله : { ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا } تسجيل عليهم بالتلجلج عن الحجة البينة ، والمصيرِ إلى سلاح العاجز من المكابرة والخروج عن دائرة البحث .

والخطاب بفعل { ائتوا } مُوجّهٌ للمؤمنين بدخول الرسول صلى الله عليه وسلم و { إلا أن قالوا } استثناء من حجتهم وهو يقتضي تسمية كلامهم هذا حجة وهو ليس بحجة إذ هو بالبهتان أشبه فإمّا أن يكون إطلاق اسم الحجة عليه على سبيل التهكم بهم كقول عمرو بن كلثوم :

قريناكم فعجلنا قِراكم *** قبيل الصبح مِرْداة طحونَا

فسمى القتل قرى ، وعلى هذا يكون الاستثناء في قوله : { إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا } استثناء متصلاً تهكماً ، وإمّا أن يكون إطلاق اسم الحجة على كلامهم جرى على اعتقادهم وتقديرهم دونَ قَصد تهكّم بهم ، أي أتوا بما توهموه حجّة فيكون الإطلاق استعارة صورية والاستثناء على هذا متصل أيضاً . وإما أن يكون الإطلاق استعارة بعلاقة الضدية فيكون مجازاً مرسلاً بتنزيل التضاد منزلة التناسب على قصد التهكم فيكون المعنى أن لا حجة لهم البتة إذ لا حجة لهم إلا هذه ، وهذه ليست بحجة بل هي عناد فيحصل أن لا حجة لهم بطريق التمليح والكناية كَقَول جِرَانِ العَوْدِ :

وبلدةٍ ليس بها أنيس *** إلا اليَعافيرُ وإلا العِيس

أي لا أنس بها البتة .

ويقدر قوله : { أن قالوا ائتوا بآبائنا } في محل رفع بالاستثناء المفرغ على الاعتبارات الثلاثة فهو اسم { كان } و { حجتهم } خبرها لأن حجتهم منصوب في قراءة جميع القراءات المشهورة .

وتقديم خبر { كان } على اسمها لأن اسمها محصور ب { إلاّ } فحقه التأخير عن الخبر .