تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

فلهذا قال : { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : ظاهرات تدل أهل العقول على صدق كل ما جاء به  وأنه حق اليقين ، { لِيُخْرِجَكُمْ } بإرسال الرسول إليكم ، وما أنزله الله على يده من الكتاب والحكمة .

{ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : من ظلمات الجهل والكفر ، إلى نور العلم والإيمان ، وهذا من رحمته بكم ورأفته ، حيث كان أرحم بعباده من الوالدة بولدها { وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وقوله : { هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : حججًا واضحات ، ودلائل باهرات ، وبراهين قاطعات ، { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : من ظلمات الجهل والكفر والآراء

المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان ، { وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي : في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس ، وإزاحة العلل وإزالة الشبه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وقرأ بعض السبعة : «ينزّل » مثقلة . وقرأ بعضهم : «ينزِل » مخففة . وقرأ الحسن وعيسى بالوجهين . وقرأ الأعمش : «أنزل » . والعبد في قوله : { على عبده } محمد رسوله . والآيات : آيات القرآن . و { الظلمات } : الكفر و { النور } : الإيمان ، وباقي الآية وعد وتأنيس مؤكد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

استئناف ثالث انتقل به الخطاب إلى المؤمنين ، فهذه الآية يظهر أنها مبدأ الآيات المدنية في هذه السورة ويزيد ذلك وضوحاً عطف قوله : { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله } [ الحديد : 10 ] الآيات كما سيأتي قريباً .

والخطاب هنا وإن كان صالحاً لتقرير ما أفادته جملة { وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم } [ الحديد : 8 ] ولكن أسلوب النظم وما عطف على هذه الجملة يقتضيان أن تكون استئنافاً انتقالياً هو من حسن التخلص إلى خطاب المسلمين ، ولا تفوته الدلالة على تقرير ما قبله لأن التقرير يحصل من انتساب المعنيين : معنى الجملة السابقة ، ومعنى هذه الجملة الموالية .

فهذه الجملة بموقعها ومعناها وعلتها وما عُطف عليها أفادت بياناً وتأكيداً وتعليلاً وتذييلاً وتخلصاً لغرض جديد ، وهي أغراض جمعْتها جمعاً بلغ حد الإِعجاز في الإِيجاز ، مع أن كل جملة منها مستقلة بمعنى عظيم من الاستدلال والتذكير والإِرشاد والامتنان .

والرؤوف : من أمثلة المبالغة في الاتصاف بالرأفة وهي كراهية إصابة الغير بضر .

والرحيم : من الرحمة وهي محبة إيصال الخير إلى الغير .

وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم { لرؤوف } بواو بعد الهمزة على اللغة المشهورة . وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بدون واو بعد الهمزة وهي لغة ولعلها تخفيف ، قال جرير :

يرى للمسلمين عليه حقاً *** كفعل الوالد الرَّؤُف الرحيم

وتأكيد الخبر ب { إنّ } واللام في قوله : { وإن الله بكم لرؤوف رحيم } لأن المشركين في إعراضهم عن دعوة الإسلام قد حسبوها إساءة لهم ولآبائهم وآلهتهم ، فقد قالوا : { أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها } [ الفرقان : 41 ، 42 ] . وهذا يرجح أن قوله تعالى : { آمنوا بالله ورسوله } [ الحديد : 7 ] إلى هنا مكّي . فإن كانت الآية مدنيّة فلأن المنافقين كانوا على تلك الحالة .