تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

{ 47 - 49 ْ } { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ْ }

يقول تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ْ } من الأمم الماضية { رَسُولٌ ْ } يدعوهم إلى توحيد الله ودينه .

{ فَإِذَا جَاءَ ْ } هم { رَسُولُهُمْ ْ } بالآيات ، صدقه بعضهم ، وكذبه آخرون ، فيقضي الله بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين ، وإهلاك المكذبين { وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ْ } بأن يعذبوا قبل إرسال الرسول وبيان الحجة ، أو يعذبوا بغير جرمهم ، فليحذر المكذبون لك من مشابهة الأمم المهلكين ، فيحل بهم ما حل بأولئك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

وقوله : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ } قال مجاهد : يعني يوم القيامة .

{ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } كما قال تعالى : { وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ{[14258]} وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } [ الزمر : 69 ] ، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها ، وكتابُ أعمالها من خير وشر موضوعٌ شاهد عليهم ، وحفظتهم من الملائكة شهودٌ أيضا أمة بعد أمة . وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق ، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ، ويقضى لهم ، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نحن

الآخرون السابقون يوم القيامة ، المقضى لهم قبل الخلائق " {[14259]} فأمته إنما حازت قَصَب السبق لشرف رسولها ، صلوات الله وسلامه عليه [ دائمًا ]{[14260]} إلى يوم الدين .


[14258]:- في ت ، أ : "وهو خطأ".
[14259]:- هذا اللفظ في صحيح مسلم برقم (856) من حديث حذيفة رضي الله عنه ، وروى البخاري أوله برقم (876) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[14260]:- زيادة من ت ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

قوله تعالى : { ولكل أمة رسول } ، إخبار مثل قوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى } {[6130]} وقال مجاهد وغيره : المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليم صير قوم للجنة وقوم للنار فذلك «القضاء بينهم بالقسط »{[6131]} وقيل : المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا من حتم الله بالعذاب لقوم والمغفرة لآخرين لغاياتهم ، فذلك قضاء بينهم بالقسط ، وقرن بعض المتأولين هذه الآية بقوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً }{[6132]} وذلك يتفق إما بأن نجعل { معذبين } [ الاسراء : 15 ] في الآخرة ، وإما بأن نجعل «القضاء بينهم » في الدنيا بحيث يصح اشتباه الآيتين .


[6130]:- من الآيتين (8، 9) من سورة (الملك).
[6131]:- دليل ذلك قول الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}، وقوله سبحانه: {ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
[6132]:- من الآية (15) من سورة (الإسراء).