السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

ولما بيّن تعالى حال محمد صلى الله عليه وسلم مع قومه بين أنّ حال كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم كذلك بقوله تعالى : { ولكل أمة } أي : من الأمم التي خلت من قبلك { رسول } يدعوهم إلى الله تعالى ، وقوله تعالى : { فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط } فيه إضمار تقديره : فإذا جاء رسولهم وبلغهم ما أرسل به إليهم فكذبه قوم وصدقه آخرون ، { قضي } أي : حكم وفصل بينهم بالقسط ، أي : بالعدل . وفي وقت هذا القضاء والحكم بينهم قولان : أحدهما أنه في الدنيا بأن يهلك الكافرين ، وينجي رسوله والمؤمنين لقوله تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } [ الإسراء ، 15 ] والثاني في الآخرة : وذلك أنّ الله تعالى إذا جمع الأمم يوم القيامة للحساب والفصل بين المؤمن والكافر والطائع والعاصي جيء بالرسل لتشهد عليهم لقوله تعالى : { وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم } [ الزمر ، 69 ] والمراد منه : المبالغة في إظهار العدل وهو قوله تعالى : { وهم لا يظلمون } في جزاء أعمالهم شيئاً بل يجازى كل واحد على قدر عمله فكذلك يفعل بهؤلاء .