فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

{ ولكل أمة } من الأمم الخالية في وقت من الأوقات { رسول } يرسله الله إليهم يبين لهم ما شرعه الله لهم من الأحكام على حسب ما تقتضيه المصلحة ، { فإذا جاء رسولهم } إليهم وبلغهم ما أرسله الله به فكذبوه جميعا { قضى بينهم } أي بين الأمة ورسولها { بالقسط } أي العدل فنجا الرسول وهلك المكذبون له ، فيكون ما يعذبون به عدلا لا ظلما كما قال سبحانه { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } وقوله تعالى { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } .

ويجوز أن يراد بالضمير في { بينهم } الأمة على تقدير أنه كذبه بعضهم وصدقه البعض الآخر فيهلك المكذبون وينجو المصدقون وفي وقت هذا القضاء قولان أحدهما أنه في الدنيا والآخر أنه في الآخرة والأول أولى .

{ وهم لا يظلمون } في ذلك القضاء فلا يعذبون بغير ذنب ولا يؤاخذون بغير حجة ، ومنه قوله تعالى { وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم } وقوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } والمراد المبالغة في إظهار العدل والنصفة بين العباد .