فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

{ وَلِكُلّ أُمَّةٍ } من الأمم الخالية في وقت من الأوقات { رَّسُولٍ } يرسله الله إليهم ، ويبيّن لهم ما شرعه الله لهم من الأحكام على حسب ما تقتضيه المصلحة { فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ } إليهم ، وبلغهم ما أرسله الله به فكذبوه جميعاً { قُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : بين الأمة ورسولها { بالقسط } أي : العدل فنجا الرسول ، وهلك المكذبون له ، كما قال سبحانه : { وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً } ويجوز أن يراد بالضمير في بينهم الأمة على تقدير أنه كذبه بعضهم ، وصدقه البعض الآخر ، فيهلك المكذبون ، وينجو المصدقون { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } في ذلك القضاء ، فلا يعذبون بغير ذنب ، ولا يؤاخذون بغير حجة ، ومنه قوله تعالى : { وَجِيء بالنبيين والشهداء وَقُضِي بَيْنَهُمْ } وقوله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ } والمراد المبالغة في إظهار العدل ، والنصفة بين العباد .

/خ49