تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

{ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا } أي : شديد { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } من حسنها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

67

وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها ، وذلك قوله{[1980]} تعالى : { صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } وكذا قال مجاهد ، ووهب بن منبه أنها كانت صفراء .

وعن ابن عمر : كانت صفراء الظلف . وعن سعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا نوح بن قيس ، أنبأنا أبو رجاء ، عن الحسن في قوله : { بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : سوداء شديدة السواد .

وهذا غريب ، والصحيح الأول ، ولهذا أكد صفرتها بأنه { فَاقِعٌ لَوْنُهَا }

وقال عطية العوفي : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } تكاد تسود من صفرتها .

وقال سعيد بن جبير : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : صافية اللون . وروى عن أبي العالية ، والربيع بن أنس ، والسدي ، والحسن ، وقتادة نحوه .

وقال شريك ، عن مَغْراء{[1981]} عن ابن عمر : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : صاف{[1982]} .

وقال العوفي في تفسيره ، عن ابن عباس : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } شديدة الصفرة ، تكاد من صفرتها تبيض .

وقال السدي : { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } أي : تعجب الناظرين{[1983]} وكذا قال أبو العالية ، وقتادة ، والربيع بن أنس .

[ وفي التوراة : أنها كانت حمراء ، فلعل هذا خطأ في التعريب أو كما قال الأول : إنها كانت شديدة الصفرة تضرب إلى حمرة وسواد ، والله أعلم ]{[1984]} .

وقال وهب بن منبه : إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .


[1980]:في جـ، ب: "قول الله تعالى"، وفي ط: "قول الله.
[1981]:في أ: "عن ابن عباس".
[1982]:في جـ، ط، ب: "صافي".
[1983]:في جـ: "أي تعجبهم".
[1984]:زيادة من جـ، ط، ب، و.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ( 69 )

و { ما } رفع بالابتداء ، و { لونها } خبره ، وقال ابن زيد وجمهور الناس في قوله { صفراء } ، إنها كانت كلها صفراء ، قال مكي رحمه الله عن بعضهم : حتى القرن والظلف ، وقال الحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف فقط ، وقال الحسن أيضاً : { صفراء } معناه سوداء ، وهذا شاذ لا يستعمل مجازاً إلا في الإبل( {[774]} ) ، وبه فسر قول الأعشى ميمون بن قيس : [ الخفيف ]

تلك خيلي منه وتلك ركابي . . . هنَّ صفرٌ أولادُها كالزبيب( {[775]} )

والفقوع : نعت مختص بالصفرة ، كما خص أحمر بقانىء ، وأسود بحالك ، وأبيض بناصع ، وأخضر بناضر ، و { لونها } فاعل ب { فاقع } .

و { تسر الناظرين } قال وهب بن منبه : كانت كأن شعاع الشمس يخرج من جلدها ، فمعناه تعجب الناظرين ، ولهذا قال ابن عباس وغيره : الصفرة تسر النفس ، وحض ابن عباس على لباس النعال الصفر( {[776]} ) ، حكاه عنه النقاش ، وحكي نهي ابن الزبير ويحيى بن أبي كثير عن لباس النعال السود ، لأنها تهمّ( {[777]} ) ، وقال أبو العالية والسدي : { تسر الناظرين } معناه في سمنها ومنظرها كله .


[774]:- اعلم أن الشاذ في الاصطلاح ثلاثة أقسام- ما شذ في القياس دون الاستعمال، فهذا قوي في نفسه يصح الاستدلال به، والثاني ما شذ في الاستعمال دون القياس، فهذا لا يستدل به، لأنه كالمفروض، والثالث ما شذ فيهما معا، فهذا لا يعول عليه لفقد أصليه. وهذا هو المراد بقول ابن عطية رحمه الله: (شاذ لا يستعمل مجازا) الخ. وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: الصفراء بمعنى السوداء غلط في نعوت البقر، وإنما يقال ذلك في، نعوت الإبل، وإنما كان هذا التفسير شاذا غلطا للتأكيد بالفقوع، وذلك نعت مختص بالصفرة، ولو أريد السواد لما أكده بذلك- وأيضا كيف يصدق على اللون الأسود الذي هو أقبح الألوان أنه (يسر الناظرين)؟
[775]:- الضمير في (منه) يعود على الممدوح وهو أبو الأشعت قيس بن قيس الكندي، والركاب: الإبل والواحدة: راحلة ولا واحد لها من لفظها. وقوله كالزبيب أي سود، ومن ذلك قوله تعالى (جمالت صفر) أي سود- وقوله (هن) أي الركاب. ومن الطريف أن صاحب الكشف قال أن تفسير (صفر) بسود في بيت الأعشى غير ظاهر، إذ الزبيب الغالب عند العرب هو الطائفي، وهو إلى الصفرة أقرب منه إلى الحمرة.
[776]:- وعنه: "من ليس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها"، وذلك قوله تعالى: (تسر الناظرين).
[777]:- يقال: هم الأمر فلانا وأهمه أقلقه وأحزنه.