اللون : معروف ، وجمعه على القياس ألوان .
واللون : النوع ، ومنه ألوان الطعام : أنواعه .
وقالوا : فلان متلوّن : إذا كان لا يثبت على خلق واحد وحال واحد ، ومنه : يتلوّن تلوّن الحرباء ، وذلك أن الحرباء ، لصفاء جسمها ، أي لون قابلته ظهر عليها ، فتنقلب من لون إلى لون .
الصفرة : لون معروف ، وقياس الفعل من هذا المصدر : صفر ، فهو أصفر ، وهي صفراء ، كقولهم : شهب : فهو أشهب ، وهي شهباء .
الفقوع : أشدّ ما يكون من الصفرة وأبلغه ، يقال : أصفر فاقع ووارس ، وأسود حالك وحايك ، وأبيض نقق ولمق ، وأحمر قاني وزنجي ، وأخضر ناضر ومدهام ، وأزرق خطباني وأرمك رداني .
السرور : لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه أو رؤية أمر معجب رائق .
وقال قوم : السرور والفرح والحبور والجذل نظائر ، ونقيض السرور : الغم .
والقول في : { ادع لنا ربك } ، وفي جزم : { يبين } ، وفي الجملة المستفهم بها والمحذوف بعده سبق نظيره في الآية قبله ، فأغنى عن ذكره .
{ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء } : قال الجمهور : هو اللون المعروف : ولذلك أكد بالفقوع والسرور ، فهي صفراء حتى القرن والظلف ، وقال الحسن وأبو عبيدة : عنى به هنا السواد ، قال الشاعر :
وصفراء ليست بمصفرّة *** ولكن سوداء مثل الحمم
وقال سعيد بن جبير : صفراء القرن والظلف خاصة .
{ فاقع } : أي شديد الصفرة ، قاله ابن عباس والحسن ؛ أو الخالص الصفرة ، قاله قطرب ، أو الصافي ، قاله أبو العالية وقتادة .
{ لونها } : ذكروا في إعرابه وجوهاً : أحدها : أنا فاعل مرفوع بفاقع ، وفاقع صفة للبقرة .
الثاني : أنه مبتدأ وخبره فاقع .
والثالث : أنه مبتدأ ، و { تسرّ الناظرين } خبر .
وأنث على أحد معنيين : أحدهما : لكونه أضيف إلى مؤنث ، كما قالوا : ذهبت بعض أصابعه .
والثاني : أنه يراد به المؤنث ، إذ هو الصفرة ، فكأنه قال : صفرتها تسر الناظرين ، فحمل على المعنى كقولهم : جاءته كتابي فاحتقرها ، على معنى الصحيفة والوجه الإعراب الأوّل ، لأن إعراب لونها مبتدأ ، وفاقع خبر مقدّم لا يجيزه الكوفيون ، أو تسرّ الناظرين خبره ، فيه تأنيث الخبر ، ويحتاج إلى تأويل ، كما قررناه .
وكون لونها فاعلاً بفاقع جار على نظم الكلام ، ولا يحتاج إلى تقديم ، ولا تأخير ، ولا تأويل ، ولم يؤنث فاقعاً وإن كان صفة لمؤنث ، لأنه رفع السبى ، وهو مذكر فصار نحو : جاءتني امرأة حسن أبوها ، ولا يصح هنا أن يكون تابعاً لصفراء على سبيل التوكيد ، لأنه يلزم المطابقة ، إذ ذاك للمتبوع .
ألا ترى أنك تقول أسود حالك ، وسوداء حالكة ، ولا يجوز سوداء حالك ؟ فأمّا قوله :
وإني لأسقي الشرب صفراء فاقعاً *** كأن ذكي المسك فيها يفتق
فبابه الشعر ، إذا كان وجه الكلام صفراء فاقعة ، وجاء { صفراء فاقع لونها } ، ولم يكتف بقوله : صفراء فاقعة ، لأنه أراد تأكيد نسبة الصفرة ، فحكم عليها أنها صفراء ، ثم حكم على اللون أنه شديد الصفرة ، فابتدأ أوّلاً بوصف البقرة بالصفرة ، ثم أكد ذلك بوصف اللون بها ، فكأنه قال : هي صفراء ، ولونها شديد الصفرة .
فقد اختلفت جهتا تعلق الصفرة لفظاً ، إذ تعلقت أوّلاً بالذات ، ثم ثانياً بالعرض الذي هو اللون ، واختلف المتعلق أيضاً ، لأن مطلق الصفرة مخالف لشديد الصفرة ، ومع هذا الاختلاف الظاهر فلا يحتاج ذلك إلى التوكيد .
قال الزمخشري : فإن قلت ، فهلا قيل : صفراء فاقعة ؟ وأي فائدة في ذلك اللون ؟ قلت : الفائدة فيه التوكيد ، لأن اللون اسم للهيئة ، وهي الصفرة ، فكأنه قيل : شديد الصفرة صفرتها ، فهو من قولك : جد جده ، وجنونك جنون .
وقال وهب : إذا نظرت إليها خيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .
{ تسرّ الناظرين } : أي تبهج الناظرين إليها من سمنها ومنظرها ولونها .
وهذه الجملة صفة للبقرة ، وقد تقدّم قول من جعلها خبراً ، كقوله : لونها ، وفيه تكلف قد ذكرناه .
وجاء هذا الوصف بالفعل ، ولم يجيء باسم الفاعل ، لأن الفعل يشعر بالحدوث والتجدّد .
ولما كان لونها من الأشياء الثابتة التي لا تتجدّد ، جاء الوصف به بالاسم لا بالفعل ، وتأخر هذا الوصف عن الوصف قبله ، لأنه ناشىء عن الوصف قبله ، أو كالناشىء ، لأن اللون إذا كان بهجاً جميلاً ، دهشت فيه الأبصار ، وعجبت من حسنه البصائر ، وجاء بوصف الجمع في الناظرين ، ليوضح أن أعين الناس طامحة إليها ، متلذذة فيها بالنظر .
فليست مما تعجب شخصاً دون شخص ، ولذلك أدخل الألف واللام التي تدل على الاستغراق ، أي هي بصدد من نظر إليها سرّ بها ، وإن كان النظر هنا من نظر القلب ، وهو الفكر ، فيكون السرور قد حصل من التفكر في بدائع صنع الله ، من تحسين لونها وتكميل خلقها .
والضمير في تسرّ عائد على البقرة ، على تقدير أن تسرّ صفة ، وإن كان خبراً ، فهو عائد على اللون الذي تسر خبر عنه .
وقد تقدّم توجيه التأنيث ، ولذلك من قرأ يسرّ بالياء ، فهو عائد على اللون ، فيحتمل أن يكون لونها مبتدأ ، ويسر خبراً ، ويكون فاقعاً صفة تابعة لصفراء ، على حد هذا البيت الذي أنشدناه وهو :
وإني لأسقي الشرب صفراء فاقعاً***
على قلة ذلك ، ويحتمل أن يكون لونها فاعلاً بفاقع ، ويسر إخبار مستأنف .
وجمهور المفسرين يشيرون إلى أن الصفرة من الألوان السارة ، ولهذا كان علي كرم الله وجهه ، يرغب في النعال الصفر .
وقال ابن عباس : الصفرة تبسط النفس وتذهب الهم ، وكان ابن عباس أيضاً يحض على لبس النعال الصفر .
ونهى ابن الزبير ويحيى بن أبي كثير عن لباس النعال السود ، لأنها تهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.