النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

قوله تعالى : { . . . قَالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ } حُكِيَ عن الحسن البصري ، أن المراد بقوله صفراء ، أي سوداء شديدة السواد ، كما تقول العرب : ناقة صفراء أي سوداء ، ومنه قول الشاعر{[146]} :

تلك خيلي منه وتلك ركابي *** هُنّ صفر أولادها كالزبيب

وقال الراجز :

وصفرٍ ليست بمصفرّة *** ولكنّ سوداءَ مثل الخُمُر

وقال سائر المفسرين : إنها صفراء اللون ، من الصفرة المعروفة ، وهو أصح ، لأنه الظاهر ، ولأنه قال : { فَاقِعٌ لَّوْنُهَا } والفاقع من صفات الصفرة ، وليس يوصف السواد بذلك ، وإنما يقال : أسود حالكٌ ، وأحمر قانٍ ، وأبيضُ ناصعٌ ، وأخضرُ ناضرٌ ، وأصفرُ فاقعٌ .

ثم فيما أُرِيدَ بالصفرة قولان :

أحدهما : صفراء القرن والظلف ، وهو قول سعيد بن جبير .

والثاني : صفراء اللون كله ، وهذا قول مجاهد .

وفي قوله تعالى : { فاقع لونها } ثلاثة تأويلات :

أحدها : الشديدة الصفرة ، وهذا قول ابن عباس ، والحسن .

والثاني : الخالص الصفرة ، وهذا قول قطرب .

والثالث : الصافي ، وهذا قول أبي العالية ، وقتادة .

{ تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } فيه وجهان :

أحدهما : تعجب الناظرين بصفرتها ، فتعجب بالسرور ، وهو ما يتأثر به القلب ، والفرح ما فرحت به العين ، ويحتمل قوله : { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } وجهين :

أحدهما : بحسن لونها فتكون . . . . {[147]} لصفرتها .

والثاني : حسن سمتها ، وصفت بذلك ، ليكون ذلك زيادة شرط في صفتها ، غير ما تقدم من ذكر صفرتها ، فتصير البقرة على الوجه الأول ، ذات وصف واحد ، وعلى الوجه الثاني ، ذات وصفين .


[146]:- هو أعشى قيس.
[147]:- بياض بالأصل ويمكن أن تستقيم العبارة هكذا فتكوين سارة لصفرتها.