تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

ومن ذلك أيضا ، إيلاجه تعالى الليل بالنهار والنهار بالليل ، يدخل هذا على هذا ، وهذا على هذا ، كلما أتى أحدهما ذهب الآخر ، ويزيد أحدهما وينقص الآخر ، ويتساويان ، فيقوم بذلك ما يقوم من مصالح العباد في أبدانهم وحيواناتهم وأشجارهم وزروعهم .

وكذلك ما جعل اللّه في تسخير الشمس والقمر ، الضياء والنور ، والحركة والسكون ، وانتشار العباد في طلب فضله ، وما فيهما من تنضيج الثمار وتجفيف ما يجفف{[744]}  وغير ذلك مما هو من الضروريات ، التي لو فقدت لَلَحِقَ الناس الضرر .

وقوله : { كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } أي : كل من الشمس والقمر ، يسيران في فلكهما ما شاء اللّه أن يسيرا ، فإذا جاء الأجل ، وقرب انقضاء الدنيا ، انقطع سيرهما ، وتعطل سلطانهما ، وخسف القمر ، وكورت الشمس ، وانتثرت النجوم .

فلما بين تعالى ما بيَّن من هذه المخلوقات العظيمة ، وما فيها من العبر الدالة على كماله وإحسانه ، قال : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } أي : الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها ، هو الرب المألوه المعبود ، الذي له الملك كله .

{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأصنام { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } أي : لا يملكون شيئا ، لا قليلا ولا كثيرا ، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء ، وهذا من تنصيص النفي وعمومه ، فكيف يُدْعَوْنَ ، وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض ؟


[744]:كذا في: ب، وفي أ: وتخفيف ما يخفف.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

وهذا أيضًا من قدرته التامة وسلطانه العظيم ، في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه ، ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا{[24499]} فيعتدلان . ثم يأخذ من هذا في هذا ، فيطول هذا ويقصر هذا ، ثم يتقارضان صيفًا وشتاء ، { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } أي : والنجوم السيارات ، والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السموات ، الجميع يسيرون بمقدار معين ، وعلى منهاج مقنن محرر ، تقديرًا من عزيز عليم .

{ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى }{[24500]} أي : إلى يوم القيامة .

{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ } أي : الذي فعل هذا هو الرب العظيم ، الذي لا إله غيره ، { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } أي : من الأنداد والأصنام التي هي على صورة من تزعمون{[24501]} من الملائكة المقربين ، { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعِكْرِمَة ، وعطاء وعطية العَوْفي ، والحسن ، وقتادة وغيرهم : القطمير : هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة ، أي : لا يملكون من السموات والأرض شيئًا ، ولا بمقدار هذا القطمير .


[24499]:- في ت، أ : "فيزيد في قصر هذا".
[24500]:- في ت، س : "إلى أجل مسمى".
[24501]:- في س : "يزعمون".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

{ يولج } معناه يدخل ، وهذه عبارة عن أن ما نقص من { الليل } زاد { في النهار } ، فكأنه دخل فيه ، وكذلك ما نقص من { النهار } يدخل { في الليل } والألف واللام في { الشمس والقمر } هي للعهد ، وقيل هي زائدة لا معنى لها ولا تعريف{[9704]} وهذا أصوب ، و «الأجل المسمى » هو قيام الساعة ، وقيل آماد الليل وآماد النهار ، ف «أجل » على هذا اسم جنس ، وقرأ جمهور الناس «تدعون » بالتاء ، وقرأ الحسن ويعقوب «يدعون » بالياء من تحت ، و «القطمير » القشرة الرقيقة التي على نوى التمرة هذا قول الناس الحجة ، وقال جويبر{[9705]} عن رجاله «القطمير » القمع الذي في رأس التمرة ، وقاله الضحاك والأول أشهر وأصوب .


[9704]:أعاد الضمير على"اللف واللام" مفردا باعتبارهما بعد التركيب حرفا واحدا هو"أل".
[9705]:تصغير جابر، يقال: اسمه جابر، وجويبر لقبه، ابن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، قال عنه في "تقريب التهذيب": ضعيف جدا، من الخامسة، مات سنة الأربعين. وهناك جابر أو جويبر العبدي، قال عنه في "التقريب". مقبول من الثالثة، ولا نعرف من المقصود منهما هنا.