تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

قال اللّه تعالى مبينا حال أهل العجل الذين عبدوه : إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ أي : إلها سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كما أغضبوا ربهم واستهانوا بأمره .

وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ فكل مفتر على اللّه ، كاذب على شرعه ، متقول عليه ما لم يقل ، فإن له نصيبا من الغضب من اللّه ، والذل في الحياة الدنيا ، وقد نالهم غضب اللّه ، حيث أمرهم أن يقتلوا أنفسهم ، وأنه لا يرضى اللّه عنهم إلا بذلك ، فقتل بعضهم بعضا ، وانجلت المعركة عن كثير من القتلى{[329]} .


[329]:- في النسختين: قتلى كثيرة.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل ، فهو أن الله تعالى لم يقبل لهم توبة ، حتى قَتَل بعضهم بعضًا ، كما تقدم في سورة البقرة : { فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [ البقرة : 54 ]

وأما الذلة فأعقبهم ذلك ذلا وصغارًا{[12147]} في الحياة الدنيا ، وقوله : { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ } نائلة لكل من افترى بدعة ، فإن ذُلَّ البدعة ومخالفة الرسالة{[12148]} متصلة من قلبه على كتفيه ، كما قال الحسن البصري : إن ذل البدعة على أكتافهم ، وإن هَمْلَجَت بهم البغلات ، وطقطقت بهم البراذين .

وهكذا روى أيوب السَّخْتَيَاني ، عن أبي قِلابة الجَرْمي ، أنه قرأ هذه الآية : { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ } قال : هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة .

وقال سفيان بن عيينة : كل صاحب بدعة ذليل .


[12147]:في أ: "فأعقبهم ذل وصغار".
[12148]:في م: "الرسل".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

وقوله : { إن الذين اتخذوا العجل } الآية ، مخاطبة من الله لموسى عليه السلام لقوله : { سينالهم } ووقع ذلك النيل في عهد موسى عليه السلام ، و «الغضب والذلة » هو أمرهم بقتل أنفسهم هذا هو الظاهر ، وقال بعض المفسرين : الذلة الجزية ، ووجه هذا القول أن الغضب والذلة بقيت في عقب هؤلاء المقصودين بها أولاً وكأن المراد سينال أعقابهم ، وقال ابن جريج : الإشارة في قوله { الذين } إلى من مات من عبدة العجل قبل التوبة بقتل النفس وإلى من فر فلم يكن حاضراً وقت القتل .

قال القاضي أبو محمد : والغضب على هذا والذلة هو عذاب الآخرة ، والغضب من الله عز وجل إن أخذ بمعنى الإرادة فهو صفة ذات ، وإن أخذ بمعنى العقوبة وإحلال النقمة فهو صفة فعل ، وقوله : { وكذلك نجزي المفترين } المراد أولاً أولئك الذين افتروا على الله في عبادة العجل وتكون قوة اللفظ تعم كل مفتر إلى يوم القيامة ، وقد قال سفيان بن عيينة وأبو قلابة وغيرهما : كل صاحب بدعة أو فرية ذليل ، واستدلوا بالآية .