تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

{ 15 } { هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }

لما ذكروا ما من الله به عليهم من الإيمان والهدى ، والتفتوا{[484]} إلى ما كان عليه قومهم ، من اتخاذ الآلهة من دون الله ، فمقتوهم ، وبينوا أنهم ليسوا على يقين من أمرهم ، بل في غاية الجهل والضلال فقالوا : { لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } أي : بحجة وبرهان ، على ما هم عليه من الباطل ، ولا يستطيعون سبيلا إلى ذلك ، وإنما ذلك افتراء منهم على الله وكذب عليه ، وهذا أعظم الظلم ، ولهذا قال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }


[484]:- في ب: والتقوى وهو تصحيف.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

{ هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } أي : هَلا أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلا واضحًا صحيحًا ؟ ! { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } يقولون : بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك ، فيقال : إن ملكهم لما دعوه إلى الإيمان بالله ، أبى عليهم ، وتَهَدّدهم وتوعدهم ، وأمر بنزع لباسهم عنهم الذي كان عليهم من زينة قومهم ، وأجَّلهم لينظروا في أمرهم ، لعلهم يراجعون دينهم الذي كانوا عليه . وكان هذا من لطف الله بهم ، فإنهم في تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه . والفرار بدينهم من الفتنة .

وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس ، أن يفر العبد منهم خوفًا على دينه ، كما جاء في الحديث : " يوشك أن يكون خيرُ مال أحدكم غنمًا يتبع بها شغف الجبال ومواقع القَطْر ، يفر بدينه من الفتن " {[18019]} ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ، ولا تشرع فيما عداها ، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع .


[18019]:رواه البخاري في صحيحه برقم (19) من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { هََؤُلآءِ قَوْمُنَا اتّخَذْواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً } .

يقول عزّ ذكره مخبرا عن قيل الفتية من أصحاب الكهف : هؤلاء قومنا اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونها من دونه لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ يقول : هلا يأتون على عبادتهم إياها بحجة بينة . وفي الكلام محذوف اجتزىء بما ظهر عما حذف ، وذلك في قوله : لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ فالهاء والميم في عليهم من ذكر الاَلِهة ، والاَلهة لا يؤتى عليها بسلطان ، ولا يُسأل السلطان عليها ، وإنما يسأل عابدوها السلطان على عبادتهموها ، فمعلوم إذ كان الأمر كذلك ، أن معنى الكلام : لولا يأتون على عبادتهموها ، واتخاذهموها آلهة من دون الله بسلطان بين . وبنحو ما قلنا في معنى السلطان ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ يقول : بعذر بين .

وعنى بقوله عزّ ذكره : فَمَنْ أظْلَمُ مِمّنْ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا ومن أشدّ اعتداء وإشراكا بالله ، ممن اختلق ، فتخرّص على الله كذبا ، وأشرك مع الله في سلطانه شريكا يعبده دونه ، ويتخده إلها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

{ هؤلاء } مبتدأ . { قومُنا } عطف بيان . { اتخذوا من آلهة } خبره ، وهو إخبار في معنى إنكار . { لولا يأتون } هلا يأتون . { عليهم } على عبادتهم . { بسلطان بيّنٍ } ببرهان ظاهر فإن الدين لا يؤخذ إلا به ، وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود وأن التقليد فيه غير جائز . { فمن أظلم ممّن افترى على الله كذبا } بنسبة الشريك إليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

وقولهم : { هؤلاء قومنا } مقالة تصلح أن تكون مما قالوا في مقامهم بين يدي الملك ، وتصلح أن تكون من قول بعضهم لبعض عند قيامهم للأمر الذي عزموا عليه ، وقولهم : { لولا يأتون } تحضيض بمعنى التعجيز ، لأنه تحضيض على ما لا يمكن ، وإذا لم يمكنهم ذلك لم يجب أن تلفت دعواهم ، و «السلطان » الحجة ، وقال قتادة : المعنى بعذر بين ، وهذه عبارة محلقة ، ثم عظموا جرم الداعين مع الله آلهة وظلمهم بقوله على جهة التقرير { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } .