تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ ْ } المذكور ، من أخذه للظالمين ، بأنواع العقوبات ، { لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ْ } أي : لعبرة ودليلا ، على أن أهل الظلم والإجرام ، لهم العقوبة الدنيوية ، والعقوبة الأخروية ، ثم انتقل من هذا ، إلى وصف الآخرة فقال : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ْ } أي : جمعوا لأجل ذلك اليوم ، للمجازاة ، وليظهر لهم من عظمة الله وسلطانه وعدله العظيم ، ما به يعرفونه حق المعرفة .

{ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ْ } أي : يشهده الله وملائكته ، وجميع المخلوقين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

وقال تعالى : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ } {[14904]} أي : أولهم وآخرهم ، فلا يبقى منهم أحد ، كما قال : { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } [ الكهف : 47 ] .

{ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } أي : يوم عظيم تحضره الملائكة كلهم ، ويجتمع فيه الرسل جميعهم ، وتحشر فيه الخلائق بأسرهم ، من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ، ويحكم فيهم{[14905]} العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها .


[14904]:- قبلها في ت ، أ : "إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة".
[14905]:- في أ : "فيه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لّمَنْ خَافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مّجْمُوعٌ لّهُ النّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مّشْهُودٌ } .

يقول تعالى ذكره : إن في أخذنا مَن أخذنا من أهل القرى التي اقتصصنا خبرها عليكم أيها الناس { لآية } ، يقول : لعبرة وعظة لمن خاف عقاب الله وعذابه في الاَخرة من عباده ، وحجة عليه لربه ، وزاجرا يزجره عن أن يعصي الله ويخالفه فيما أمره ونهاه . وقيل : بل معنى ذلك : إن فيه عبرة لمن خاف عذاب الاَخرة بأن الله سيفي له بوعده . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إ{ نّ فِي ذلكَ لآيَةً لِمَنْ خافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ } ، إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الاَخرة ، كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم . وقوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ } ، يقول تعالى ذكره : هذا اليوم ، يعني : يوم القيامة ، { يوْمٌ مجموعٌ له الناس } ، يقول : يحشر الله الناس من قبورهم ، فيجمعهم فيه للجزاء والثواب والعقاب . { وَذَلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، يقول : وهو يوم تشهده الخلائق لا يتخلف منهم أحد ، فينتقم حينئذ ممن عصى الله وخالف أمره وكذب رسله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، في قوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، قال : يوم القيامة .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن عكرمة ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن عليّ بن زيد ، عن يوسف المكيّ ، عن ابن عباس ، قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة . ثم قرأ : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن عليّ بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة . ثم تلا هذه الآية : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } .

حُدثت عن المسيب عن جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، قال : ذلك يوم القيامة ، يجتمع فيه الخلق كلهم ، ويشهده أهل السماء وأهل الأرض .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

{ إن في ذلك } أي فيما نزل بالأمم الهالكة أو فيما قصه الله تعالى من قصصهم . { لآية } لعبرة . { لمن خاف عذاب الآخرة } يعتبر به عظمته لعلمه بأن ما حاق بهم أنموذج مما أعد الله للمجرمين في الآخرة ، أو ينزجر به عن موجباته لعلمه بأنها من إله مختار يعذب من يشاء ويرحم من يشاء . فإن من أنكر الآخرة وأحال فناء هذا العالم لم يقل بالفاعل المختار ، وجعل تلك الوقائع لأسباب فلكية اتفقت في تلك الأيام لا لذنوب المهلكين بها . { وذلك } إشارة إلى يوم القيامة وعذاب الآخرة دل عليه . { يوم مجموع له الناس } أي يجمع له الناس ، والتغيير للدلالة على ثبات معنى الجمع لليوم وأنه من شأنه لا محالة وأن الناس لا ينفكون عنه فهو أبلغ من قوله : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } ومعنى الجمع له الجمع لما فيه من المحاسبة والمجازاة . { وذلك يوم مشهود } أي مشهود فيه أهل السماوات والأرضين فاتسع فيه بإجراء الظرف مجرى المفعول به كقوله :

في محفل من نواصي الناس مشهود *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي كثير شاهدوه ، ولو جعل اليوم مشهودا في نفسه لبطل الغرض من تعظيم اليوم وتمييزه فإن سائر الأيام كذلك .