تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

ولهذا { قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ } الرؤساء والقادة ، في الكفر والشر ، مقرين بغوايتهم وإغوائهم : { رَبَّنَا هَؤُلَاءِ } التابعون { الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } أي : كلنا قد اشترك في الغواية ، وحق عليه كلمة العذاب .

{ تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ } من عبادتهم ، أي : نحن برآء منهم ومن عملهم . { مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } وإنما كانوا يعبدون الشياطين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

وقوله : { قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ } يعني : من الشياطين والمَرَدَة والدعاة إلى الكفر ، { رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } ، فشهدوا عليهم أنهم أغووهم فاتبعوهم ، ثم تبرؤوا من عبادتهم ، كما قال تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا . كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } [ مريم : 81 ، 82 ] ، وقال : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } [ الأحقاف : 5 ، 6 ] ، وقال الخليل لقومه : { إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [ العنكبوت : 25 ] ، وقال الله{[22393]} : { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } [ البقرة : 166 ، 167 ] ، ولهذا قال : { وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ }


[22393]:- في ت ، ف : "تعالى" وفي أ : "الله تعالى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قَالَ الّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبّنَا هََؤُلآءِ الّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوَاْ إِيّانَا يَعْبُدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم ينادي ربّ العزّة الذين أشركوا به الأنداد والأوثان في الدنيا ، فيقول لهم : أيْنَ شُرَكائِيَ الّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنهم لي في الدنيا شركاء ؟ قالَ الّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ يقول : قال الذين وجب عليهم غضب الله ولعنته ، وهم الشياطين الذين كانوا يُغْوُون بني آدم : رَبّنا هَؤلاءِ الّذِينَ أغْوَيْنا ، أغْوَيْناهُمْ كمَا غَوَيْنا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله هَؤُلاءِ الّذِينَ أغْوَيْنا ، أغْوَيْناهُمْ كمَا غَوَيْنا قال : هم الشياطين .

وقوله : تَبرّأنا إلَيْكَ يقول : تبرأنا من وَلايتهم ونُصْرتهم إليك ما كانُوا إِيّانَا يَعْبُدُونَ : يقول : لم يكونوا يعبدوننا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

{ قال الذين حق عليهم القول } بثبوت مقتضاه وحصول مؤداه وهو قوله تعالى : { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } وغيره من آيات الوعيد . { ربنا هؤلاء الذين أغوينا } أي هؤلاء الذين أغويناهم فحذف الراجع إلى الموصول . { أغويناهم كما غوينا } أي أغويناهم فغووا غيا مثل ما غوينا ، وهو استئناف للدلالة على أنهم غووا باختيارهم وأنهم لم يفعلوا بهم إلا وسوسة وتسويلا ، ويجوز أن يكون { الذين } صفة و { أغويناهم } الخبر لأجل ما اتصل به فإفادة زيادة على الصفة وهو إن كان فضله لكنه صار من اللوازم . { تبرأنا إليك } منهم ومما اختاره من الكفر هوى منهم ، وهو تقرير للجملة المتقدمة ولذلك خلت عن العاطف وكذا . { ما كانوا إيانا يعبدون } أي ما كانوا يعبدوننا ، وإنما كانوا يعبدون أهواءهم . وقيل { ما } مصدرية متصلة ب{ تبرأنا } أي تبرأنا من عبادتهم إيانا .