فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

{ قَالَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } أي حقت عليهم كلمة العذاب ، وهم رؤساء الضلال الذين اتخذوهم أرباباً من دون الله ، كذا قال الكلبي . وقال قتادة : هم الشياطين { رَبَّنَا هَؤُلاء الذين أَغْوَيْنَا } أي دعوناهم إلى الغواية يعنون الأتباع { أغويناهم كَمَا غَوَيْنَا } أي أضللناهم كما ضللنا { تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ } منهم ، والمعنى : أن رؤساء الضلال ، أو الشياطين تبرّؤوا ممن أطاعهم . قال الزجاج : برىء بعضهم من بعض ، وصاروا أعداء كما قال الله تعالى : { الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } [ الزخرف : 67 ] ، و { هؤلاء } مبتدأ ، { والذين أغوينا } صفته ، والعائد محذوف ، أي أغويناهم ، والخبر : { أغويناهم } ، و { كما غوينا } نعت مصدر محذوف . وقيل : إن خبر هؤلاء هو الذين أغوينا ، وأما { أغويناهم كما غوينا } فكلام مستأنف لتقرير ما قبله ، ورجح هذا أبو عليّ الفارسي ، واعترض الوجه الأوّل ، وردّ اعتراضه أبو البقاء { مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } وإنما كانوا يعبدون أهواءهم . وقيل : إن { ما } في { ما كانوا } مصدرية ، أي تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا ، والأول أولى .

/خ70