فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

{ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ( 63 ) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ( 64 ) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ( 65 ) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ ( 66 ) }

{ قال الذين حق عليهم القول } أي : حقت عليهم كلمة العذاب ، بدخول النار ، وهم رؤساء الضلال ، الذين اتخذوهم أربابا من دون الله كذا قال الكلبي وقال قتادة : هم الشياطين .

{ ربنا هؤلاء الذين أغوينا } أي : دعوناهم إلى الغواية ، يعنون الأتباع في الكفر { أغويناهم كما غوينا } أي : أضللناهم كما ضللنا ، وآثروا الكفر على الإيمان ، كما آثرنا نحن ، وكنا السبب في كفرهم ، فقبلوا منا ، فلا فرق إذا بين غينا وغيهم ، وإن كان تسويلنا لهم داعيا إلى الكفر ، فقد كان في مقابلته دعاء الله تعالى لهم إلى الإيمان بما وضع فيهم من أدلة العقل ، وما بعث إليهم من الرسل وأنزل عليهم من الكتب المشحونة بالوعد والوعيد ، والمواعظ والزواجر ، وناهيك بذلك صارفا عن الكفر ، وداعيا إلى الإيمان .

{ تبرأنا إليك } ممن أطاعنا ؛ وهذا مقرر لما قبله ، ولذلك لم يعطف ، قال الزجاج : برئ بعضهم من بعض وصاروا أعداء ، كما قال تعالى : { الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو } .

{ وما كانوا إيانا يعبدون } إنما كانوا يعبدون أهواءهم ، قيل : ما مصدرية ، أي : تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا والأول أولى .