اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

{ قَالَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } أي : وجب عليهم العذاب وهم رؤوس الضلالة وقيل : الشياطين{[40643]} .

قوله : { هؤلاء الذين أغوينا } فيه وجهان :

أحدهما : أن هؤلاء مبتدأ ، والَّذِينَ أَغْوَيْنَا صفته والعائد محذوف ، أي أغويناهم ، والخبر «أَغْوَيْنَاهم »{[40644]} ، و «كَمَا غَوَيْنَا » نعت لمصدر محذوف ، ذلك المصدر مطاوع لهذا الفعل أي فغووا غيّاً كما غوينا ، قاله{[40645]} الزمخشري{[40646]} ، وهذا الوجه منعه أبو علي ، قال : لأنه ليس في الخبر زيادة فائدة على ما في صفته ، قال : فإن قلت : قد أوصل بقوله كما غوينا وفيه زيادة ، قلت : الزيادة في الظرف{[40647]} لا يصيِّره أصلاً في الجملة لأنَّ الظروف{[40648]} صلاتٌ{[40649]} ، ثم أعرب هو «هَؤُلاَء » مبتدأ و «الَّذِينَ أَغوَيْنَا » خبره ، و «أغْوَيَنْاهم » مستأنف ، وأجاب أبو البقاء وغيره عن الأول بأن الظرف قد يلزم كقولك زيدٌ عمرو في داره{[40650]} .

فصل :

المعنى : هؤلاء الذين دعوناهم إلى الغي وهم الأتباع { أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } أضللناهم كما ضللنا «تَبَرَّأنَا إلَيْكَ » منهم .

قوله : { مَا كانوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } إيَّانَا مفعول «يَعْبُدونُ » قُدِّم لأجل الفاصلة{[40651]} وفي «ما » وجهان :

أحدهما : هي نافية ( أي تبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ){[40652]} .

والثاني{[40653]} : مصدرية ولا بدَّ من تقدير{[40654]} حرف جرٍّ أي : تبرأنا مما كانوا أي من عبادتهم إيانا ، وفيه بعدٌ{[40655]} .


[40643]:انظر الكشاف 3/176، الفخر الرازي 25/8.
[40644]:في ب: أغوينا.
[40645]:في النسختين: قال. والصواب ما أثبته.
[40646]:انظر الكشاف 3/176.
[40647]:في ب: الظرف. وهو تحريف.
[40648]:في الأصل: الظرف.
[40649]:انظر التبيان 2/1024، البحر المحيط 7/128.
[40650]:قال أبو البقاء: (وقال غيره، وهو الوجه الثاني: لا يمتنع أن يكون "هؤلاء" مبتدأ و"الذين" صفة، و"أغويناهم" الخبر من أجل ما اتصل به، وإن كان ظرفاً، لأن الفضلات في بعض المواضع تلزم كقولك: زيد "عمرو" في داره). التبيان 2/1024.
[40651]:في ب: المفاصلة.
[40652]:ما بين القوسين سقط من ب.
[40653]:في النسختين: والثانية.
[40654]:في ب: تقدم. وهو تحريف.
[40655]:ذكر الوجهين ابن الأنباري في البيان، وعقب بقوله: (والوجه الأول أوجه الوجهين)، البيان 2/235، وانظر التبيان 2/1024.