الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ} (63)

قوله : { هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ } فيه وجهان ، أحدهما ، أنه مبتدأ ، و " الذين أَغْوَيْنا " صفةٌ للمبتدأ . والعائدُ محذوفٌ أي : أَغْويناهم ، والخبر " أَغْوَيْناهم " . و { كَمَا غَوَيْنَا } نعتٌ لمصدرٍ محذوف . ذلك المصدرُ مطاوِعٌ لهذا الفعلِ أي : [ أَغْوَيناهم ] فَغَوَوْا غَيَّاً كما غَوَيْنا . قاله الزمخشريُّ . وهذا الوجهُ مَنعه أبو علي قال : " لأنه ليس في الخبر زيادةُ فائدةٍ على ما في صفتِه " . قال : " فإنْ قلتَ : قد وُصِل بقوله { كَمَا غَوَيْنَا } وفيه زيادةٌ . قلت : الزيادةُ في الظرفِ لا تُصَيِّره أصلاً في الجملة لأنَّ الظروفَ صِلاتٌ " ثم أعرب هو " هؤلاء " مبتدأً و " الذين أَغْوَيْناهم " خبرَه . و " أَغْوَيْناهم " مستأنف . وأجابَ أبو البقاء وغيرُه عن الأول : بأنَّ الظرفَ قد يَلْزَمُ كقولك : " زيد عمرٌو في دارِه " .

قوله : { مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } " إيَّانا " مفعولُ " يَعْبُدون " قدِّم لأجلِ الفاصلةِ . وفي " ما " وجهان ، أحدهما : هي نافيةٌ ، والثانيةُ مصدريةٌ . ولا بُدَّ مِنْ تقديرِ حرفِ جرٍّ أي : تَبَرَّأْنا مِنْ ما كانوا أي : مِنْ عبادتِهم إيانا . وفيه بُعدٌ .