تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنۡهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يُبۡصِرُونَ} (43)

ثم ذكر انسداد الطريق الثاني ، وهو : طريق النظر فقال : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ْ } فلا يفيده نظره إليك ، ولا سبر أحوالك شيئًا ، فكما أنك لا تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ، فكذلك لا تهدي هؤلاء .

فإذا فسدت عقولهم وأسماعهم وأبصارهم التي هي الطرق الموصلة إلى العلم ومعرفة الحقائق ، فأين الطريق الموصل لهم إلى الحق ؟

ودل قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ْ } الآية ، أن النظر إلى حالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهديه وأخلاقه وأعماله وما يدعو إليه من أعظم الأدلة على صدقه وصحة ما جاء به ، وأنه يكفي البصير عن غيره من الأدلة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يُبۡصِرُونَ} (43)

{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ } أي : ينظرون إليك وإلى ما أعطاك الله من التؤدة ، والسمت الحسن ، والخلق العظيم ، والدلالة الظاهرة ، على نبوءتك لأولي البصائر{[14245]} والنهى ، وهؤلاء ينظرون كما ينظر

غيرهم ، ولا يحصل لهم من الهداية شيء مما{[14246]} يحصل لغيرهم ، بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار ، والكافرون ينظرون إليك بعين الاحتقار ، { وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا * إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا } [ الفرقان : 41 ، 42 ] .


[14245]:- في ت : "الأبصار".
[14246]:- في ت : "ما".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يُبۡصِرُونَ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنهُمْ مّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن هؤلاء المشركين ، مشركي قومك ، من ينظر إليك يا محمد ويرى أعلامك وحججك على نبوّتك ، ولكن الله قد سلبه التوفيق فلا يهتدي ، ولا تقدر أن تهديه ، كما لا تقدر أن تحدث للأعمى بصرا يهتدي به . أفأنْتَ تَهْدِي العُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ يقول : أفأنت يا محمد تحدث لهؤلاء الذين ينظرون إليك وإلى أدلتك وحججك فلا يوفقون للتصديق بك أبصارا لو كانوا عميا يهتدون بها ويبصرون ؟ فكما أنك لا تطيق ذلك ولا تقدر عليه ولا غيرك ، ولا يقدر عليه أحد سواي ، فكذلك لا تقدر على أن تبصرهم سبيل الرشاد ، أنت ولا أحد غيري ، لأن ذلك بيدي وإليّ . وهذا من الله تعالى ذكره تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم عن جماعة ممن كفر به من قومه وأدبر عنه فكذّب ، وتعزية له عنهم ، وأمر برفع طمعه من إنابتهم إلى الإيمان بالله .