وقال آخرون : البصر أفضلُ من السَّمع لوجوه :
الأول : قولهم في المثل : " ليس ورَاءَ العيانِ بيان " ، فدلَّ على : أنَّ أكمل وجوه الإدراك هو البصر .
الثاني : أنَّ آلة القوَّة الباصرة ، هو النُّور ، وآلة القوة السَّامعة هي الهواء ، والنُّور أشرف من الهواء ، فالقوَّة الباصرة أشرف من القوة السَّامعة .
الثالث : أنَّ عجائب حكمة الله - تعالى - ، في تخليق العين التي هي محل الإبصار ؛ أكثر من عجائب خلقته في الأذن ، التي هي محل السماع ، فإنَّه - تعالى - جعل تمام روح واحد من الأرواح السَّبعة الدِّماغيَّة من العصب ، آلة للإبصار ، وركَّب العين من سبع طبقات ، وثلاث رطوبات ، وجعل لحركات العين عضلات كثيرة على صور مختلفة . والأذنُ ليس كذلك ، وكثرة العناية في تخليق الشيء ، يدل على أنَّه أفضل من غيره .
الرابع : أن البصر يرى ما حصل فوق سبع سماوات ، والسمع لا يدرك ما بعد منه على فرسخ ؛ فكان البصرُ أقوى وأفضل ، وبهذا البيان يدفع قولهم : إنَّ السَّمع يدرك من كل الجوانب ، والبصر لا يدرك إلاَّ من الجانب الواحد .
الخامس : أنَّ كثيراً من الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - سمع كلام الله في الدُّنيا ، واختلفوا : هل رآه أحدٌ في الدُّنْيَا أم لا ؟ وأيضاً : فإنَّ موسى أسمعه كلامه من غير سبق سؤال ، ولمَّا سأل الرُّؤية ، قال : { لَن تَرَانِي } [ الأعراف : 143 ] فدل على أنَّ حال الرُّؤية أعلى من حال السَّمْع .
السادس : قال ابن الأنباري : كيف يكون السَّمعُ أفضل من البصر ، وبالبصر يحصل جمال الوجه ، وبذهابه عيبه ، وذهاب السمع لا يورث الإنسان عيباً ، والعربُ تسمي العينين الكريمتين ، ولا تصف السمع بمثل هذا ، ومنه الحديث ؛ يقول الله : " من أذهبت كريمتيه ، فصبر واحتسب ، لم أرض له ثواباً دون الجنة " {[18465]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.