تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

ثم ذكر أعظم امتحان يمتحن به عباده ، وهو الجهاد في سبيل الله ، فقال : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أي : نختبر إيمانكم وصبركم ، { حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } فمن امتثل أمر الله وجاهد في سبيل الله لنصر دينه وإعلاء كلمته فهو المؤمن حقا ، ومن تكاسل عن ذلك ، كان ذلك نقصا في إيمانه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

وقوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أي : ولنختبرنكم بالأوامر والنواهي ، { حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } . وليس في تقدم علم الله تعالى بما هو كائن أنه سيكون شك ولا ريب ، فالمراد : حتى نعلم وقوعه ؛ ولهذا يقول ابن عباس في مثل هذا : إلا لنعلم ، أي : لنرى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّىَ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ * إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَشَآقّواْ الرّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْهُدَىَ لَن يَضُرّواْ اللّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ } .

يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَنَبْلُوَنّكُمْ أيها المؤمنون بالقتل ، وجهاد أعداء الله حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ يقول : حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم ، وأهل الصبر على قتال أعدائه ، فيظهر ذلك لهم ، ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشكّ والحَيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلو أخباركم ، فنعرف الصادق منكم من الكاذب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : حتى نَعْلَمَ المُجاهِدينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ ، وقوله : وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الخَوْف والجُوعِ ونحو هذا قال : أخبر الله سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء ، وأنه مبتليهم فيها ، وأمرهم بالصبر ، وبشّرهم فقال : وَبَشّر الصّابِرِينَ ، ثم أخبرهم أنه هكذا فعل بأنبيائه ، وصفوته لتطيب أنفسهم ، فقال : مَسّتْهُمُ البأْساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا ، فالبأساء : الفقر ، والضرّاء : السقم ، وزُلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ قال : نختبركم ، البلوى : الاختبار . وقرأ الم أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال : لا يختبرون وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ . . . الآية .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أخْبارَكُمْ ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بالنون نبلو ونعلم ، ونبلو على وجه الخبر من الله جلّ جلاله عن نفسه ، سوى عاصم فإنه قرأ جميع ذلك بالياء والنون هي القراءة عندنا لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وإن كان للأخرى وجه صحيح .