تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

{ هَذَا } أي : خلق العالم العلوي والسفلي ، من جماد ، وحيوان ، وسَوْقِ أرزاق الخلق إليهم { خَلق اللَّه } وحده لا شريك له ، كل مقر بذلك حتى أنتم يا معشر المشركين .

{ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } أي : الذين جعلتموهم له شركاء ، تدعونهم وتعبدونهم ، يلزم على هذا ، أن يكون لهم خلق كخلقه ، ورزق كرزقه ، فإن كان لهم شيء من ذلك فأرونيه ، ليصح ما ادعيتم فيهم من استحقاق العبادة .

ومن المعلوم أنهم لا يقدرون أن يروه شيئا من الخلق لها ، لأن جميع المذكورات ، قد أقروا أنها خلق اللّه وحده ، ولا ثَمَّ شيء يعلم غيرها ، فثبت عجزهم عن إثبات شيء لها تستحق به أن تعبد .

ولكن عبادتهم إياها ، عن غير علم وبصيرة ، بل عن جهل وضلال ، ولهذا قال : { بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } أي : جَلِيٍّ واضح حيث عبدوا من لا يملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، وتركوا الإخلاص للخالق الرازق المالك لكل الأمور .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

قوله تعالى : " هذا خلق الله " [ مبتدأ وخبر . والخلق بمعنى المخلوق ، أي هذا الذي ذكرته مما تعاينون " خلق الله " ]{[12571]} أي مخلوق الله ، أي خلقها من غير شريك . " فأروني " معاشر المشركين " ماذا خلق الذين من دونه " يعني الأصنام . " بل الظالمون " أي المشركون " في ضلال مبين " أي خسران ظاهر . " وما " استفهام في موضع رفع بالابتداء وخبره " ذا " وذا بمعنى الذي . و " خلق " واقع على هاء محذوفة ، تقديره فأروني أي شيء خلق الذين من دونه ، والجملة في موضع نصب ب " أروني " وتضمر الهاء مع " خلق " تعود على الذين ، أي فأروني الأشياء التي خلقها الذين من دونه . وعلى هذا القول تقول : ماذا تعلمت ، أنحو أم شعر . ويجوز أن تكون " ما " في موضع نصب ب " أروني " و " ذا " زائد ؛ وعلى هذا القول يقول : ماذا تعلمت ، أنحوا أم شعرا .


[12571]:ما بين المربعين ساقط من ش.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

قوله : { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ } أي هذا الذي بينته لكم مما تشاهدونه وتعاينونه ، هو مخلوق الله . فالله خالق ذلك كله من غير شريك له في ذلك ولا ظهير .

قوله : { فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ } الياء في قوله : { فَأَرُونِي } مفعول أول . وجملة { مَاذَا خَلَقَ } ، في موضع نصب مفعول ثان للفعل أروني . ما استفهام في موضع رفع مبتدأ . وخبره ذا . وذا يعني الذي{[3641]} .

والمعنى : أروني أي شيء خلقه شركاؤكم الذين اتخذتموهم أندادا لله . والاستفهام للتوبيخ والتقريع .

قوله : { بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } { بل } ، إضراب عن تقريع المشركين وتبكيتهم على الحكم عليهم بالضلال الظاهر وأنهم ظالمون ، لأنفسهم خاسرون{[3642]} .


[3641]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 254.
[3642]:تفسير الرازي ج 25 ص 143-145، وتفسير ابن كثير ج 3 ص 443، وفتح القدير ج 3 ص 235.