" بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " وقرئ " من المكرمين " وفي معنى تمنيه قولان : أحدهما أنه تمنى أن يعلموا بحاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته . الثاني تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله . قال ابن عباس : نصح قومه حيا وميتا . رفعه القشيري فقال : وفي الخبر أنه عليه السلام قال في هذه الآية ( إنه نصح لهم في حياته وبعد موته ) . وقال ابن أبي ليلى : سُبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب وهو أفضلهم ، ومؤمن آل فرعون ، وصاحب يس ، فهم الصديقون . ذكره الزمخشري مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي هذه الآية تنبيه عظيم ، ودلالة على وجوب كظم الغيظ ، والحلم عن أهل الجهل . والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ، والتشمر في تخليصه ، والتلطف في افتدائه ، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه . ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته ، والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام .
{ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } { بِمَا غَفَرَ لِي } ما مصدرية ؛ أي يعملون بغفران ربي{[3895]} . فبعد أن رأى ما أعدّه الله له من جزيل النعم وحسن الثواب وعظيم الكرامة في الجنة ، تمنى أن يعلمَ قومه بما أسبغ الله عليه من هذه النعم ؛ ليحملهم ذلك على التوبة والطاعة ومجانبة الكفر والإشراك بالله .
وذلك يشير إلى مبلغ إخلاص هذا المؤمن وحسن سيرته وقصده ؛ إذ تمنى لهم الهداية والنجاة بعد قتلهم له ، والتحاقه بالرفيق الأعلى ، مثل تمنيه لهم في الدنيا من الإيمان والطاعة والاستقامة . وذلك هو شأن المؤمنين الذين يدعون الناس إلى منهج الإسلام ؛ فإنهم يبتغون للبشرية الهداية والتوفيق والسعادة في الدارين ويتمنون لهم كل وجوه الخير والسلامة والنجاة ، لا يبتغون بذلك من أحد ثناءً ولا شكورا إلا الجزاء الكريم من الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.