{ 17 - 19 } { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }
هذا إخبار عن تنزهه عن السوء والنقص وتقدسه عن أن يماثله أحد من الخلق وأمر للعباد أن يسبحوه حين يمسون وحين يصبحون ووقت العشي ووقت الظهيرة .
الأولى- قوله تعالى : " فسبحان الله " الآية فيه ثلاثة أقوال : الأول : أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات . قال ابن عباس : الصلوات الخمس في القرآن ؛ قيل له : أين ؟ فقال : قال الله تعالى " فسبحان الله حين تمسون " صلاة المغرب والعشاء " وحين تصبحون " صلاة الفجر " وعشيا " العصر " وحين تظهرون " الظهر . وقاله الضحاك وسعيد بن جبير . وعن ابن عباس أيضا وقتادة : أن الآية تنبيه على أربع صلوات : المغرب والصبح والعصر والظهر . قالوا : والعشاء الآخرة هي في آية أخرى في " وزلفا من الليل " {[12453]} [ هود : 114 ] وفي ذكر أوقات العورة . وقال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون " في الصلوات . وسمعت على بن سليمان يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات ، لأن التسبيح في الصلاة . وهو القول الثاني . والقول الثالث : فسبحوا الله حين تمسون وحين تصبحون . ذكره الماوردي . وذكر القول الأول ، ولفظه فيه : فصلوا لله حين تمسون وحين تصبحون . وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان : أحدهما : لما تضمنها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود . الثاني : مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تكون لهم سبحة يوم القيامة ) أي صلاة .
ولما بين سبحانه المبدأ بخلق السماوات والأرض ، والمعاد بالجنة والنار ، وأنهم كذبوا به ، وكان تكذيبهم به مستلزماً لاعتقاد نقائص كثيرة{[52762]} منها العجز وإخلاف الوعد وترك الحكمة{[52763]} ، كان ذلك{[52764]} سبباً لأن ينزه سبحانه نفسه المقدسة ويأمر بتنزيهها ، لأن ذلك يدفع عن المنزه مضار الوعيد ، ويرفعه إلى مسار الوعد ، فقال ذاكراً من أفعاله العالية التي لا مطمع{[52765]} لغيره في القدرة على شيء منها ما يدل على خلاف ذلك الذي يلزم اعتقادهم ، لافتاً الكلام عن صيغة العظمة إلى أعظم منها بذكر الاسم الأعظم . { فسبحان الله } أي سبحوا الذي له جميع العظمة{[52766]} بمجامع{[52767]} التسبيح بأن تقولوا هذا القول الذي هو عَلَمه ، فهو منزه عن كل نقص ؛ ثم ذكر أوقات التسبيح إشارة إلى ما فيها من التغير الذي هو منزه عنه و{[52768]} إلى ما يتجدد فيها من النعم ووجود الأحوال الدالة على القدرة على الإبداع الدال على البعث ، فقال دالاً على الاستغراق بنزع الخافض مقدماً المحو لأنه أدل على البعث الذي النزاع فيه وهو الأصل ، لافتاً الكلام إلى الخطاب لأنه أشد تنبيهاً : { حين تمسون } أي أول دخول الليل بإذهاب النهار وتفريق النور ، فيعتريكم الملل ، ويداخلكم الفتور والكسل ، على سبيل التجدد والاستمرار ، وأكد الندب إلى التسبيح بإعادة المضاف فقال : { وحين تصبحون* } بتحويل الأمر فتقومون أحياء بعد أن كنتم أمواتاً فتجدون نهاراً قد أضاء بعد ليل كان دجى ، فتفعلون ما هو سبحانه منزه عنه من الحركة والسعي في جلب النفع ودفع الضرر ، وأرشد السياق إلى أن التقدير : وله الحمد في هذين الجنسين{[52769]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.