تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ} (7)

{ 7 - 9 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ * أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ }

أي : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } على وجه التكذيب والاستهزاء والاستبعاد ، وذكر وجه الاستبعاد .

أي : قال بعضهم لبعض : { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } يعنون بذلك الرجل ، رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأنه رجل أتى بما يستغرب منه ، حتى صار - بزعمهم - فرجة يتفرجون عليه ، وأعجوبة يسخرون منه ، وأنه كيف يقول { إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ } بعدما مزقكم البلى ، وتفرقت أوصالكم ، واضمحلت أعضاؤكم ؟ ! .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ} (7)

قوله تعالى : " وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل " وإن شئت أدغمت اللام في النون لقربها منها " ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق " هذا إخبار عمن قال : " لا تأتينا الساعة " [ سبأ : 3 ] أي هل نرشدكم إلى رجل ينبكم ، أي يقول لكم : إنكم تبعثون بعد البلي في القبور . وهذا صادر عن فرط إنكارهم . الزمخشري : " فإن قلت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهورا علما في قريش ، وكان إنباؤه بالبعث شائعا عندهم ، فما معنى قولهم : " هل ندلكم على رجل ينبئكم " فنكروه لهم وعرضوا عليهم الدلالة عليه ، كما يدل على مجهول في أمر مجهول .

قلت : كانوا يقصدون بذلك الطنز{[12956]} والهزؤ والسخرية ، فأخرجوه مخرج التحكي{[12957]} ببعض الأحاجي التي يتحاجى بها للضحك والتلهي ، متجاهلين به وبأمره . و " إذا " في موضع نصب والعامل فيها " مزقتم " قاله النحاس . ولا يجوز أن يكون العامل فيها " ينبئكم " ، لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت . ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد " إن " ، لأنه لا يعمل فيما قبله ، وألا يتقدم عليها ما بعدها ومعمولها . وأجاز الزجاج أن يكون العامل فيها محذوفا . التقدير : إذا مزقتم كل ممزق بعثتم ، أو ينبئكم بأنكم تبعثون إذا مزقتم . المهدوي : ولا يعمل فيه " مزقتم " ؛ لأنه مضاف إليه ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف . وأجازه بعضهم على أن يجعل " إذا " للمجازاة ، فيعمل فيها حينئذ ما بعدها لأنها غير مضافة إليه . وأكثر ما تقع " إذا " للمجازاة في الشعر . ومعنى " مزقتم كل ممزق " فرقتم كل تفريق . والمزق خرق الأشياء . يقال : ثوب مزيق وممزوق ومتمزق وممزق .


[12956]:الطنز: السخرية.
[12957]:في الكشاف والبحر: "التحلي" باللام.