معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ} (7)

وقوله : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ7 } العرب تدغم اللام عند النون إذا سكنت اللام وتحركت النون . وذلك أَنها قريبة المخرج منها . وهي كثيرة في القراءة . ولا يقولون ذلك في لامٍ قد تتحرَّك في حال ؛ مثل ادخل وقل ؛ لأن ( قل ) قد كان يُرفع ويُنصب ويدخل عليه الجزم ، وهل وبل وأَجَلْ مجزومات أبداً ، فشُبِّهن إذا أُدغمن بقوله { النار } إذا أدغمت اللام من النار في النون منها . وكذلكَ قوله { فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ } تدغم اللام عند التاء من بل وهل وَأَجَلْ . ولا تدغم على اللام التي قد تتحرّك في حال . وإظهارهما جَائز ؛ لأن اللام ليست بموصولة بما بعدها ؛ كاتّصال اللام من النار وأشباه ذلك . وإنما صرت أختار { هَلْ تَسْتَطِيعُ } و { بَلْ نَظُنُّكُمْ } فأُظهر ؛ لأنَّ القراءة من المولَّدينَ مصنوعَة لم يأخذوها بطباع الأعراب ، إنما أخذوها بالصنعة . فالأعْرابيّ ذلكَ جَائز له لما يجرى على لسانه من خفيف الكلام وثقيله . ولو اقتسْتُ في القراءة على ما يخِفّ على ألسن العرب فيخففون أو يدغمون لخفّفتُ قوله { قُلْ أي شيء أَكْبَرُ شَهادَةً } فقلتُ : أَيْشٍ أكبرُ شهادة ، وهو كلام العرب . فليسَ القراءة على ذلك ، إنما القراءة على الإشباع والتمكين ؛ ولأن الحرف ليس بمتّصل مثل الألف واللام : ألا ترى أنك لا تقف على الألف واللام مما هي فيه . فلذلك لم أظهر اللام عند التاء وأشباهها . وكذلك قوله : { اتَّخَذْتُم } و { عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } تُظهر وتدغم . والإدغام أحبّ إلىّ لأنها متَّصلة بحرف لا يوقف على ما دونه . فأما قوله { بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ } فإن اللام تدخل في الراء دخولاً شديداً ، ويثقل على اللسان إظهارها فأدغمت . وكذلك فافعل بجميع الإدغام : فما ثقُل على اللسان إظهارهُ فأدغم ، وما سهل لك فيه الإظهار فأظهِر ولا تدغم .