قوله : { إِذَا مُزِّقْتُمْ } : " إذا " منصوبٌ بمقدرٍ أي : تُبْعَثون وتُجْزَوْن وقتَ تمزيقكم لدلالةِ { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } عليه .
ولا يجوز أن يكونَ العاملُ " يُنَبِّئكم " لأن التنبئةَ لم تقعْ ذلك الوقتَ . ولا " خَلْقٍ جديدٍ " لأنَّ ما بعد " إنَّ " لا يعمل فيما قبلها . ومَنْ تَوَسَّعَ في الظرف أجازه . هذا إذا جَعَلْنا " إذا " ظرفاً مَحْضاً . فإنْ جَعَلْناه شرطاً كان جوابُها مقدراً أي : تُبْعَثون ، وهو العاملُ في " إذا " عند جمهور النحاة .
وجَوَّز الزجَّاج والنحاس أن يكون معمولاً ل " مُزِّقْتُمْ " . وجعله ابنُ عطية خطأً وإفساداً للمعنى . قال الشيخ : " وليس بخطأ ولا إفسادٍ . وقد اخْتُلف في العامل في " إذا " الشرطية ، وبَيَّنَّا في " شرح التسهيل " أنَّ الصحيحَ أنَّ العامَل فيها فعلُ الشرط كأخواتِها من أسماء الشرط " . قلت : لكنَّ الجمهورَ على خلافِه . ثم قال الشيخ : " والجملةُ الشرطيةُ يُحتمل أَنْ تكونَ معمولة ل " يُنَبِّئُكم " لأنه في معنى : يقول لكم إذا مُزِّقْتُمْ : تُبْعَثُون . ثم أكَّد ذلك بقوله : { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } . ويُحتمل أن يكون { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ } مُعلِّقاً ل " يُنَبِّئكم " سادًّا مَسَدَّ المفعولين ، ولولا اللام لفُتِحَتْ " إنَّ " وعلى هذا فجملةُ الشرطِ اعتراضٌ . وقد منع قومٌ التعليقَ في " أعلم " وبابِها ، والصحيحُ جوازُه . قال :
3717 حَذارِ فقد نُبِّئْتُ إنكَ لَلَّذيْ *** سَتُجْزَى بما تَسْعَى فتسعدَ أو تَشْقَى
وقرأ زيد بن علي بإبدالِ الهمزةِ ياءً . وعنه " يُنْبِئُكم " من أَنْبأ كأكرم .
ومُمَزَّقٌ فيه وجهان ، أحدهما : أنه اسمُ مصدرٍ ، وهو قياسُ كلِّ ما زاد على الثلاثة أي : يجيءُ مصدرُه وزمانُه ومكانُه على زِنَةِ اسم مفعولِه أي : كلَّ تمزيق . والثاني : أنه ظرفُ مكانٍ . قاله الزمخشري ، أي : كلَّ مكانِ تمزيقٍ من القبورِ وبطون الوَحْشِ والطير . ومِنْ مجيءِ مُفَعَّل مجيءَ التفعيلِ قوله :
3718 ألَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القوافِيْ *** فلا عِيَّاً بهنَّ ولا اجْتِلابا
أي : تَسْريحي . والتَّمْزِيق : التخريقُ والتقطيع . يُقال : ثوب مُمَزَّق ومَمْزوق . ويُقال : مَزَقه فهو مازِقٌ ومَزِقٌ أيضاً . قال :
3719 أتاني أنهم مَزِقُون عِرْضِيْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال الممزق العبدي - وبه سُمِّي المُمَزَّق :
3720 فإنْ كنتُ مأكولاً فكن خيرَ آكلٍ *** وإلاَّ فأدْرِكْني ولَمَّا أُمَزَّقِ
و " جديد " عند البصريين بمعنى فاعِل يقال : جَدَّ الشيءُ فهو جادُّ وجديد ، وعند الكوفيين بمعنى مفعول مِنْ جَدَدْتُه أي : قَطَعْتُه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.