فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ} (7)

ثم ذكر سبحانه نوعا آخر من كلام منكري البعث فقال : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بعضهم لبعض : { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ؟ } أي هل نرشدكم إلى رجل يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم ، والتعبير برجل المنكر من باب التجاهل ، كأنهم لم يعرفوا منه إلا أنه رجل وهو عندهم أشهر من الشمس قاله الشهاب ، وقال القرطبي : كانوا يقصدون بذلك السخرية والهزأة .

{ يُنَبِّئُكُمْ } يخبركم بأمر عجيب ونبأ غريب هو أنكم { إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } أي فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع وصرتم بعد موتكم رفاتا وترابا ، وقال الكرخي : أي كل مكان تمزيق من القبور ، وبطون الوحش والطير .

{ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي تخلقون وتنشأون خلقا جديدا ، وتبعثون من قبوركم أحياء ، وتعودون إلى الصور التي كنتم عليها بعد أن تمزقت أجسادكم كل تمزيق ، قال هذا القول بعضهم لبعض استهزاء بما وعدهم الله على لسان رسوله من البعث ، وأخرجوا الكلام مخرج التلهي به والتضاحك مما يقوله من ذلك قال الزجاج : التقدير إذا مزقتم كل ممزق بعثتم أو ينبئكم بأنكم تبعثون إذا مزقتم ، وأصل المزق : خرق الأشياء يقال ثوب مزيق وممزق ومتمزق وممزوق .

وعن قتادة في الآية قال : قال ذلك مشركو قريش ، إذا أكلتكم الأرض وصرتم رفاتا وعظاما وتقطعتكم السباع والطير ، أنكم ستحيون وتبعثون ، قالوا ذلك تكذيبا له ، وجديد عند البصريين بمعنى فاعل ، يقال جد الشيء فهو جاد ، وعند الكوفيين بمعنى مفعول من جددته أي قطعته .