تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

{ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ْ } مستمرين على تقواهم { طَيِّبِينَ ْ } أي : طاهرين مطهرين من كل نقص ودنس يتطرق إليهم ويخل في إيمانهم ، فطابت قلوبهم بمعرفة الله ومحبته وألسنتهم بذكره والثناء عليه ، وجوارحهم بطاعته والإقبال عليه ، { يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ْ } أي : التحية الكاملة حاصلة لكم والسلامة من كل آفة .

وقد سلمتم من كل ما تكرهون { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ْ } من الإيمان بالله والانقياد لأمره ، فإن العمل هو السبب والمادة والأصل في دخول الجنة والنجاة من النار ، وذلك العمل حصل لهم برحمة الله ومنته عليهم لا بحولهم وقوتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

22

ثم يعود السياق خطوة بالمتقين كما عاد من قبلهم خطوة بالمستكبرين . فإذا هم في مشهد الاحتضار وهو مشهد هين لين كريم : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) طيبة نفوسهم بلقاء الله ، معافين من الكرب وعذاب الموت . ( يقولون : سلام عليكم ) طمأنة لقلوبهم وترحيبا بقدومهم ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) تعجيلا لهم بالبشرى ، وهم على عتاب الآخرة ، جزاء وفاقا على ما كانوا يعملون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

وقرأ الجمهور «تتوفاهم » بالتاء ، وقرأ الأعمش «يتوفاهم » بالياء من تحت ، وفي مصحف ابن مسعود «توفاهم » بتاء واحدة في الموضعين{[7289]} ، و { طيبين } عبارة عن صلاح حالهم واستعدادهم للموت ، وهذا بخلاف ما قال في الكفرة { ظالمي أنفسهم } [ النحل : 28 ] ، والطيب الذي لا خبث معه ، ومنه قوله تعالى { طبتم فادخلوها خالدين }{[7290]} [ الزمر : 73 ] وقول الملائكة : { سلام عليكم } ، بشارة من الله تعالى ، وفي هذا المعنى أحاديث صحاح يطول ذكرها{[7291]} وقوله { بما كنتم تعملون } أي بما كان في أعمالكم من تكسبكم ، وهذا على التجوز ، علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة ، ويعترض في هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يدخل الجنة أحد بعمله » قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال : «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة »{[7292]} وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث .

قال القاضي أبو محمد : ومن الرحمة والتغمد أن يوفق الله العبد إلى أعمال برة ، ومقصد الحديث نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل ، كما ذهب إليه فريق من المعتزلة .


[7289]:أي في هذه الآية، وفي قوله تعالى قبلها: {الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}.
[7290]:من الآية (73) من سورة (الزمر).
[7291]:أخرج ابن مالك، وابن جرير، وابن المنذر وغيرهم عن محمد بن كعب القرظي قال: إذا استفاقت نفس العبد المؤمن جاءه الملك فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله يقرأ عليك السلام، ثم نزع بهذه الآية {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم}. (الدر المنثور)، و في القرطبي: (إذا استنقعت نفس العبد المؤمن) ـ ومعنى استنقعت: تجمعت في فيه لتخرج، من قولهم: استنقع الماء بمعنى تجمع وثبت ـ و قال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام.
[7292]:أخرجه البخاري، وابن ماجه، والدارمي، ومسلم، وأحمد. (المعجم المفهرس).