مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

وقوله : { الذين تتوفاهم الملائكة } صفة للمتقين في قوله : { كذلك يجزي الله المتقين } وقوله : { طيبين } كلمة مختصرة جامعة للمعاني الكثيرة ، وذلك لأنه يدخل فيه إتيانهم بكل ما أمروا به ، واجتنابهم عن كل ما نهوا عنه ويدخل فيه كونهم موصوفين بالأخلاق الفاضلة مبرئين عن الأخلاق المذمومة ، ويدخل فيه كونهم مبرئين عن العلائق الجسمانية متوجهين إلى حضرة القدس والطهارة ، ويدخل فيه أنه طاب لهم قبض الأرواح ، وأنها لم تقبض إلا مع البشارة بالجنة حتى صاروا كأنهم مشاهدون لها ومن هذا حاله لا يتألم بالموت ، وأكثر المفسرين على أن هذا التوفي هو قبض الأرواح ، وإن كان الحسن يقول : إنه وفاة الحشر ، ثم بين تعالى أنه يقال لهم عند هذه الحالة : { ادخلوا الجنة } فاحتج الحسن بهذا على أن المراد بذلك التوفي وفاة الحشر ، لأنه لا يقال عند قبض الأرواح في الدنيا ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ، ومن ذهب إلى القول الأول وهم الأكثرون يقولون : إن الملائكة لما بشروهم بالجنة صارت الجنة كأنها دارهم وكأنهم فيها فيكون المراد بقولهم ، ادخلوا الجنة أي هي خاصة لكم كأنكم فيها .