البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

وطيبين حال من مفعول تتوفاهم ، والمعنى : أنهم صالحو الأحوال مستعدّون للموت والطيب الذي لا خبث فيه ، ومنه : { طبتم فادخلوها خالدين } وقال أبو معاذ : طيبين طاهرين من الشكر بالكلمة الطيبة .

وقيل : طيبين سهلة وفاتهم لا صعوبة فيها ولا ألم ، بخلاف ما يقبض روح الكافر والمخلط .

وقيل : طيبة نفوسهم بالرجوع إلى الله تعالى ، وقيل : زاكية أفعالهم وأقوالهم ، وقيل : صالحين ، وقال الزمخشري : طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي ، لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم .

ويقولون نصب على الحال من الملائكة ، وتسليم الملائكة عليهم بشارة من الله تعالى ، وفي هذا المعنى أحاديث صحاح .

وقوله : هدى للمتقين ، هو وقت قبض أرواحهم ، قاله : ابن مسعود ، ومحمد بن كعب ، ومجاهد .

والأكثرون جعلوا التبشير بالجنة دخولاً مجازاً .

وقال مقاتل والحسن : عند دخول الجنة وهو قول خزنة الجنة لهم في الآخرة : سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار .

فعلى هذا القول يكون يقولون حالاً مقدرة ، ولا يكون القول وقت التوفي .

وعلى هذا يحتمل أن يكون الذين مبتدأ ، والخبر يقولون ، والمعنى : يقولون لهم سلام عليكم .

ويدل لهذا القول قولهم : ادخلوا الجنة ، ووقت الموت لا يقال لهم ادخلوا الجنة ، فالتوفي هنا توفي الملائكة لهم وقت الحشر .

وقوله : بما كنتم تعملون ظاهره في دخول الجنة بالعمل الصالح .