الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (32)

ثم بين المتقين فقال { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين }{[38838]} [ 32 ] . أي : تقبض الملائكة أرواحهن طيبين ، لتطييب الله إياها . { يقولون سلام عليكم ادخلوا } [ 32 ] أي : تقول لهم الملائكة : سلام عليكم صيروا{[38839]} إلى الجنة بشارة من الله للمؤمنين{[38840]} .

وروى أنس بن مالك وتميم الداري عن{[38841]} النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يقول الله لملك الموت : انطلق إلى عبدي إذا جاز{[38842]} أجله فاتني به . فلأريحنه من الدنيا ، فإني قد ضربته بالبأساء والضراء فيها فوجدته حيث أحب . فينطلق ملك الموت ، ومعه خمس مائة من الملائكة ، يحملون معه كفنا ، وخيوطا من الجنة ، وضبائر الريحان ، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا ، لكل لون من ذلك ريح طيبة سوى ريح أصحابها ، والحرير الأبيض ، فيه المسك الأذفر . فيجلس ملك الموت عند رأسه ويحتويه{[38843]} الملائكة . فيضع الأذفر تحت ذقنه . فإن نفسه لتعلل{[38844]} عند ذلك بطرف الجنة مرة{[38845]} ، وبأزواجها مرة{[38846]} وبسكوتها مرة{[38847]} ، وبثمارها [ مرة{[38848]} ] كما يعلل الصبي أهله إذا بكى . وإن روحه ليهش{[38849]} عند ذلك هشا{[38850]} . قال : يقول : ينزو نزوا ليخرج يقول ملك الموت لنفسه : أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود وماء مسكوب . فلملك الموت أشد به ألطافا من الوالدة بولدها . يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه [ عز وجل{[38851]} ] فهو يلتمس بلطف حبيب ربه [ عز وجل{[38852]} ] رضاء الرب [ سبحانه{[38853]} ] . فيسل روحه كما تسل الشعرة من العجين . قال الله [ عز وجل{[38854]} ] : { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [ 32 ] .

قال محمد بن كعب القرظي{[38855]} : إذا استنقعت{[38856]} نفس المؤمن ، يعني في صدره ، جاء ملك الموت ، فقال : السلام عليك ولي الله يقرأ عليك السلام ، ثم نزع بهذه الآية . وهو معنى قوله : { سلام قولا من رب رحيم }{[38857]} . قال البراء [ بن عازب{[38858]} ] : يسلم عليهم ملك الموت{[38859]} .

وعن ابن عباس في قوله : { فسلام لك من أصحاب اليمين }{[38860]} قال : الملائكة يأتونه{[38861]} بالسلام من قبل الله [ عز وجل ]{[38862]} وتخبره{[38863]} أنه من أصحاب اليمين{[38864]}

وقوله { بما كنتم تعملون } أي : بعملكم في الدنيا وطاعتكم لله [ عز وجل{[38865]} ] .


[38838]:في ق: "طيبين يقولون" زاد "يقولون".
[38839]:ط : "سيروا" ولعله الأصوب.
[38840]:ط: للمتقين. و ما قاله في الآية، لابن جرير، انظر: جامع البيان 14/101.
[38841]:ط: ... كلاهما عن النبي ... " ولعله الأصوب.
[38842]:ط : (إذا حان ...).
[38843]:ق : "ويحفونه".
[38844]:في اللسان: (علل): "يقال يعلل فلان نفسه بتعلة. وتعلل به أي تلهى به ويجزأ. وعللت المرأة صبيها بشيء من المرق ونحوه ليجزأ به اللبن".
[38845]:ط: "حرة".
[38846]:انظر: المصدر السابق.
[38847]:ط: "حرة".
[38848]:ساقط من ق.
[38849]:ط: "لينتهن".
[38850]:ط: "هنة".
[38851]:ساقط من ق.
[38852]:انظر: المصدر السابق.
[38853]:ساقط من ق.
[38854]:انظر : المصدر السابق.
[38855]:هو محمد بن كعب بن سليم القرظي، من كبار التابعين، عرف بروايته الحديث، وهو ثقة فيه، انظر: ترجمته في المعارف 233 وصفة الصفوة 2/132، وتهذيب التهذيب 9/420.
[38856]:ق: "استنقعت" وط: "استقفت". ومعنى "استنقعت" اجتمعت في فيه. انظر: اللسان (نقع).
[38857]:يس: 58. وانظر: قول القرظي في جامع البيان 14/101، والجامع 10/68.
[38858]:ساقط من ط: وهو البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي أبو عمارة، صحابي قائد، روى له البخاري ومسلم 305 حديثا، وتوفي سنة 71 هـ، انظر: ترجمته في تاريخ الثقات 79، وأسد الغابة 1/205، والإصابة 1/146، وتهذيب التهذيب 1/425، والأعلام 2/46.
[38859]:انظر: قوله في جامع البيان 14/101.
[38860]:الواقعة: 91.
[38861]:ق: (قانونهم) وفي ط (ياتوا بهم) وفي جامع البيان (يأتونه) وهو الأصوب.
[38862]:ساقط من ق.
[38863]:ق: يخبرهم.
[38864]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 14/101.
[38865]:ساقط من ط.