تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (28)

{ ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ } الذين حاربوه ، وحاربوا أولياءه ، بالكفر والتكذيب ، والمجادلة والمجالدة . { النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ } أي : الخلود الدائم ، الذي لا يفتر عنهم العذاب ساعة ، ولا هم ينصرون ، وذلك { جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } فإنها آيات واضحة ، وأدلة قاطعة مفيدة لليقين ، فأعظم الظلم وأكبر العناد ، جحدها ، والكفر بها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (28)

ورداً على قولتهم المنكرة يجيء التهديد المناسب :

( فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ، ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون . ذلك جزاء أعداء الله النار ، لهم فيها دار الخلد ، جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ) .

وسرعان ما نجدهم في النار . وسرعان ما نشهد حنق المخدوعين ، الذين زين لهم قرناؤهم ما بين أيديهم وما خلفهم ، وأغروهم بهذه المهلكة التي انتهى إليها مطافهم :

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (28)

وقوله تعالى : { ذلك } إشارة إلى الجزاء المتقدم . . و : { جزاء أعداء الله } خبر الابتداء . و : { النار } بدل من قوله : { جزاء أعداء } ويجوز أن يكون : { ذلك } خبر ابتداء تقديره : الأمر ذلك ، ويكون قوله : { جزاء أعداء } ابتداء ، و : { النار } خبره .

وقوله : { لهم فيها دار الخلد } أي موضع البقاء ومسكن العذاب الدائم ، فالظرفية في قوله : { فيها } متمكنة على هذا التأويل ، ويحتمل أن يكون المعنى : هب لهم دار الخلد ، ففي قوله : { فيها } معنى التجريد كما قال الشاعر :

وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل{[10069]}

وفي قراءة عبد الله بن مسعود : «ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد » ، وسقط { لهم فيها } وجحودهم بآيات الله مطرد في علاماته المنصوبة لملقه وفي آيات كتابه المنزلة على نبيه .


[10069]:يستشهد ابن عطية بهذا الشطر على أن (في) تعطي معنى التحديد، وهذا للإجابة عن سؤال مقدر خلاصته في الآية: كيف قيل: [فيها] مع أنها هي نفسها دار الخلد؟ والجواب أن الشيء قد يجعل ظرفا لنفسه باعتبار متعلقه على سبيل المبالغة، كأن ذلك المتعلق صار الشيء مستقرا له، وهذا أبلغ من نسبة ذلك المتعلق إليه على سبيل الإخبار عنه، فالنار نفسها قد صارت دار الخلد لهم، والله سبحانه وتعالى هو الحكم العدل وتحدد ذلك فيه إذا فقد الإنصاف عند الذين يخاطبهم الشاعر، ومثل هذا أيضا قول الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}، إذ قد يقال، كيف يكون فيه أسوة حسنة مع أنه هو الأسوة الحسنة نفسها، والجواب هو ما ذكرناه من أنه قد جعل هو نفسه صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة وتحددت الأسوة الحسنة فيه. هذا والبيت بتمامه في اللسان، أنشده ابن بري، وهو: أفادت بنو مروان قيسا دماءنا وفي الله إن لم يحكموا حكم عدل بلفظ (إن لم يحكموا)، والحكم: الحاكم، وفي المثل (في بيته يؤتى الحكم). والقود: قتل النفس بالنفس، يريد أن بني مروان أباحوا دماءهم والعدل عند الله وحده.