{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ } الأشياء المضرة تنزيها لكم ، وذلك : ك { الْمَيْتَةَ } ، ويدخل في ذلك كل ما كان موته على غير ذكاة مشروعة ، ويستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك .
{ والدم } المسفوح ، وأما ما يبقى في العروق واللحم فلا يضر .
{ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ } لقذارته وخبثه ، وذلك شامل للحمه وشحمه وجميع أجزائه . { وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } ، كالذي يذبح للأصنام والقبور ونحوها ؛ لأنه مقصود به الشرك .
{ فَمَنِ اضْطُرَّ } إلى شيء من المحرمات -بأن حملته الضرورة وخاف إن لم يأكل أن يهلك- فلا جناح عليه إذا لم يكن باغيا أو عاديا ، أي : إذا لم يرد أكل المحرم وهو غير مضطر ، ولا متعد الحلال إلى الحرام ، أو متجاوز لما زاد على قدر الضرورة ، فهذا الذي حرمه الله من المباحات .
ويحدد لهم المحرمات على سبيل الحصر . وليس منها ما يحرمونه على أنفسهم من رزق الله من بحيرة أو سائبة أو وصيلة أوحام :
( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به ) . . وهي محرمة إما لأن فيها أذى للجسم والحس كالميتة والدم ولحم الخنزير ، أو أذى للنفس والعقيدة كالذي توجه به ذابحه لغير الله . ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ) فهذا الدين يسر لا عسر . ومن خاف على نفسه الموت أو المرض من الجوع والظمأ فلا عليه أن يتناول من هذه المحرمات قدر ما يدفع الضرر [ على خلاف فقهي ذكرناه من قبل ] غير باغ على مبدأ التحريم ولا متجاوز قدر الضرورة التي أباحت المحظور .
هذه الجملة بيان لمضمون جملة { فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً } [ سورة النحل : 114 ] لتمييز الطيّب من الخبيث ، فإن المذكورات في المحرّمات هي خبائث خُبثاً فطرياً لأن بعضها مفسد لتولد الغذاء لما يشتمل عليه من المضرّة . وتلك هي الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ؛ وبعضها منافٍ للفطرة وهو ما أهلّ به لغير الله لأنه منافٍ لشكر المنعم بها ، فالله خلق الأنعام ، والمشركون يذكرون اسم غير الله عليها .
ولإفادة بيان الحلال الطيّب بهذه الجملة جيء فيها بأداة الحصر ، أي ما حرّم عليكم إلا الأربعَ المذكورات ، فبقي ما عداها طيّباً .
وهذا بالنظر إلى الطيِب والخُبث بالذات . وقد يعرض الخبث لبعض المطعومات عرضاً .
ومناسبة هذا التحديد في المحرّمات أن بعض المسلمين كانوا بأرض غُربة وقد يؤكل فيها لحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله ، وكان بعضهم ببلد يؤكل فيه الدم وما أهلّ به لغير الله . وقد مضى تفسير نظير هذه الآية في سورة البقرة والأنعام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.