في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} (96)

69

( والله خلقكم وما تعملون ) . . فهو الصانع الوحيد الذي يستحق أن يكون المعبود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} (96)

{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } يحتمل أن تكون " ما " مصدرية ، فيكون تقدير الكلام : والله خلقكم وعملكم . ويحتمل أن تكون بمعنى " الذي " تقديره : والله خلقكم والذي تعملونه . وكلا القولين متلازم ، والأول أظهر ؛ لما رواه البخاري في كتاب " أفعال العباد " ، عن علي بن المديني ، عن مروان{[25024]} بن معاوية ، عن أبي مالك ، عن ربْعِيّ بن حراش ، عن حذيفة مرفوعا قال : " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " {[25025]} . وقرأ بعضهم : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } .


[25024]:- في ت، س: "هارون".
[25025]:- (2) خلق أفعال العباد (ص73).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} (96)

الواو في { والله خلقكم وما تعملون } واو الحال ، أي أتيتم منكراً إذ عبدتم ما تصنعونه بأيديكم والحال أن الله خلقكم وما تعملون وأنتم مُعرِضون عن عبادته ، أو وأنتم مشركون معه في العبادة مخلوقاتٍ دونكم . والحال مستعملة في التعجيب لأن في الكلام حذفاً بعد واو الحال إذ التقدير : ولا تعبدون الله وهو خلقكم وخلق ما نحتموه .

و { ما } موصولة و { تَعملُونَ } صلة الموصول ، والرابط محذوف على الطريقة الكثيرة ، أي وما تعملونها . ومعنى { تعملون } تنحتون . وإنما عدل عن إعادة فعل { تنحتون } لكراهية تكرير الكلمة فلما تقدّم لفظ { تَنْحِتُونَ } علم أن المراد ب { ما تعملون } ذلك المعمول الخاص وهو المعمول للنحت لأن العمل أعمّ . يقال : عملت قميصاً وعملتُ خاتماً . وفي حديث صنع المنبر « أرسل رسوُل الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار أنْ مُري غلامك النجّارَ يعمَلْ لي أعواداً أُكلّم عليها الناس »

وخلق الله إياها ظاهر ، وخلقه ما يعملونها : هو خلق المادة التي تصنع منها من حجر أو خشب ، ولذلك جمع بين إسناد الخلق إلى الله بواو العطف ، وإسنادِ العمل إليهم بإسناد فعل { تعملُونَ .

وقد احتج الأشاعرة على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى بهذه الآية على أن تكون { ما } مصدرية أو تكون موصولة ، على أن المراد : ما تعملونه من الأعمال . وهو تمسك ضعيف لما في الآية من الاحتمالين ولأن المقام يرجح المعنى الذي ذكرناه إذ هو في مقام المحاجّة بأن الأصنام أنفسها مخلوقة لله فالأولى المصير إلى أدلة أخرى .