تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} (96)

الآية 96 { والله خلقكم وما تعملون } لكنهم يقولون : ليس فيه دلالة خلق أفعالهم{[17833]} . ألا ترى أنه قال عليه السلام { أتعبدون ما تنحتون } وهم لا يعبدون النحت ، إنما يعبدون ذلك المنحوت . فعلى ذلك لم يخلق أفعالهم وأعمالهم . ولكن خلق المعمول نفسه ، والله أعلم .

لكن الاحتجاج عليهم من وجه آخر في ذلك كأنه أقرب وأولى ، وهو أن صيّر ذلك المعمول خلقا [ لنفسه حين{[17834]} أضافه إلى نفسه بقوله ]{[17835]} : { والله خلقكم وما تعملون } [ أي معمولكم ]{[17836]} لأنهم إنما يعبدون ذلك المعمول : خلق الله .

دلّ أن عملهم الذي عملوا به مخلوق . لذلك قلنا : إن فيه دلالة خلق أعمالهم ، والله أعلم . وهو كقوله : { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } [ البقرة : 222 ] إنما صار التوّاب والمتطهّر [ محبوب الله ]{[17837]} لحُبّه التوبة والتطهّر ، وصار المعتدي غير محبوب لحبّه{[17838]} الاعتداء . فعلى ذلك : المعمول صار مخلوقا بخلقه عمله ، والله أعلم .


[17833]:في الأصل وم: الأفعال.
[17834]:في نسخة الحرم المكي حيث.
[17835]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: لله تعالى بقولكم.
[17836]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[17837]:في الأصل و م: محبوبا.
[17838]:في الأصل و م: لبغضه.