البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} (96)

{ والله خلقكم وما تعملون } : الظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي معطوفة على الضمير في خلقكم ، أي أنشأ ذواتكم وذوات ما تعملون من الأصنام ، والعمل هنا هو التصوير والتشكيل ، كما يقول : عمل الصائغ الخلخال ، وعمل الحداد القفل ، والنجار الخزانة ؛ ويحمل ذلك على أن ما بمعنى الذي يتم الاحتجاج عليهم ، بأن كلاً من الصنم وعابده هو مخلوق لله تعالى ، والعابد هو المصور ذلك المعبود ، فكيف يعبد مخلوق مخلوقاً ؟ وكلاهما خلق الله ، وهو المنفرد بإنشاء ذواتهما .

والعابد مصور الصنم معبوده .

و « ما » في : { وما تنحتون } بمعنى تأذى ، فكذلك في { وما تعملون } ، لأن نحتهم هو عملهم .

وقيل : ما مصدرية ، أي خلقكم وعملكم ، وجعلوا ذلك قاعدة على خلق الله أفعال العباد .

وقد بدد الزمخشري تقابل هذه المقالة بما يوقف عليه في كتابه .

وقيل : ما استفهام إنكاري ، أي : وأي شيء تعملون في عبادتكم أصناماً تنحتونها ؟ أي لا عمل لكم يعتبر .

وقيل : ما نافية ، أي وما أنتم تعملون شيئاً في وقت خلقكم ولا تقدرون على شيء .

وكون ما مصدرية واستفهامية ونعتاً ، أقوال متعلقة خارجة عن طريق البلاغة .