تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

{ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي : خزنة جهنم ، لأخذه وعقوبته ، فلينظر أي الفريقين أقوى وأقدر ؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

أما نحن فإننا ( سندع الزبانية )الشداد الغلاظ . . والمعركة إذن معروفة المصير !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

{ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } وهم ملائكة العذاب ، حتى يعلم من يغلبُ : أحزبُنا أو حزبه .

قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن عبد الكريم الجَزَري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدًا يصلي عند الكعبة لأطأن على عُنُقه . فبَلغَ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لئن فعله لأخذته الملائكة " . ثم قال : تابعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله - يعني ابن عمرو - عن عبد الكريم{[30247]} .

وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق ، به{[30248]} وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كُرَيْب ، عن زكريا بن عَدِيّ ، عن عبيد الله بن عمرو ، به{[30249]} .

وروى أحمد ، والترمذي{[30250]} وابن جرير - وهذا لفظه - من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام فمر به أبو جهل بن هشام فقال : يا محمد ، ألم أنهك عن هذا ؟ - وَتَوعَّده - فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، فقال : يا محمد ، بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديًا ! فأنزل الله : { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته{[30251]} وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد أيضًا : حدثنا إسماعيل بن زيد أبو يزيد ، حدثنا فُرَات ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا ، ولو أن اليهود تَمَنَّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يُبَاهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " {[30252]} .

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه . فأنزل الله ، عز وجل : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ] } {[30253]} حتى بلغ هذه الآية : { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى{[30254]} فقيل : ما يمنعك ؟ قال : قد اسودّ ما بيني وبينه من الكتائب . قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه{[30255]} .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هُرَيرة قال : قال أبو جهل : هل يعفِّر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا : نعم . قال : فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته{[30256]} ولأعفِّرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فَجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خَنْدقا من نار وهَولا وأجنحة . قال : فقال رسول الله : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا " . قال : وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - : { كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى } إلى آخر السورة .

وقد رواه أحمد بن حنبل ، ومسلم ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، من حديث معتمر بن سليمان ، به{[30257]} .


[30247]:- (2) صحيح البخاري برقم (4958).
[30248]:- (3) سنن الترمذي برقم (3348) وسنن النسائي برقم (11685).
[30249]:- (4) تفسير الطبري (30/165).
[30250]:- (5) في م، أ: "والترمذي والنسائي".
[30251]:- (1) المسند (1/329) وسنن الترمذي برقم (3349) وتفسير الطبري (30/164).
[30252]:- (2) المسند (1/248).
[30253]:- (3) زيادة من أ.
[30254]:- (4) في أ: "يصلى".
[30255]:- (5) تفسير الطبري (30/165).
[30256]:- (6) في م: "على عنقه".
[30257]:- (7) تفسير الطبري (30/165) والمسند (2/370) وصحيح مسلم برقم (2797) وسنن النسائي الكبرى برقم (11683).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

و { الزبانية } ملائكة العذاب واحدهم " زبنية " ، وقال الكسائي : " زبني " ، وقال عيسى بن عمر الأخفش : " زابن " ، وهم الذين يدفعون الناس في النار ، والزبن : الدفع ، ومنه " حرب زبون " أي تدفع الناس في نفسها ، ومنه قول الشاعر :

ومستعجب مما يرى من أناتنا *** ولو زبنته الحرب لم يترمرم{[11913]}

ومنه قول عتبة بن أبي سفيان : " وقد زبنتنا الحرب وزبناها ، فنحن بنوها وهي أمنا " ، ومنه قول الشاعر :

عدتني عن زيارتك العوادي *** وحالت بيننا حرب زبون{[11914]}

وحذفت الواو من [ سندع ] في خط المصحف اختصارا وتخفيفا ، والمعنى : سندعو الزبانية لعذاب هذا الذي يدعو ناديه ، وقرأ ابن مسعود : ( فليدع إلى ناديه ) .


[11913]:هذا البيت لأوس بن حجر، وهو من قصيدة طويلة بدأها بقوله: تنكرت منا بعد معرفة لمي وبعد التصابي والشباب المكرم ولمي: ترخيم "لميس"، والأناة: الحلم والصبر، وزبنته: دفعته، وهو موضع الاستشهاد، ولم يترمرم: لم يتحرك.
[11914]:هذا البيت في "الأمالي" لأبي علي القالي، ولم ينسبه، والرواية فيه: عدتني عن زيارتها العوادي وحالت دونها حرب زبون وعدتني: صرفتني وشغلتني، والعوادي: الصوارف والأمور التي تشغلني ، والزبون: التي يدفع الناس بعضهم بعضا فيها، أو التي تدفع الناس، يقال للناقة التي تدفع الحالب عنها: ناقة زبون.