اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

قوله : { سَنَدْعُ الزبانية } .

قال الزمخشري{[60565]} : «والزبانية في كلام العرب : الشرط ، الواحد : زبنية ، كعفرية من الزَّبن ، وهو الدَّفع .

وقيل : زبني ، وكأنه نسب إلى الزبن ، ثم غير للنسب ، كقولهم : أمسيّ ، وأصله : زباني ، فقيل : «زبانية » على التعويض » .

وقال عيسى بن عمر والأخفش : واحدهم زابن .

وقيل : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه ، كعباديد ، وشماطيط ، وأبابيل ، والحاصل : أن المادة تدل على الدفع .

قال : [ الطويل ]

5261- مَطَاعِيمُ في القُصْوَى مَطَاعِينُ في الوَغَى*** زَبَانِيَةٌ غُلبٌ عِظامٌ حُلومُهَا{[60566]}

وقال آخر : [ الطويل ]

5262- ومُسْتعْجِبٍ ممَّا يَرَى مِنْ أنَاتِنَا *** ولوْ زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرَمِ{[60567]}

[ قال عتبة : زبَنَتْنا الحرب ، وزبنَّاها ، ومنه الزبون ، لأنه يدفع من بائع إلى آخر .

وقال أبو الليث السمرقندي رحمه الله : ومنه المزابنة في البيع ؛ لأنهم يعملون بأرجلهم ، كما يعملون بأيديهم ]{[60568]} .

وقرأ العامة : «سَندْعُ » بنون العظمة ، ولم ترسم بالواو ، وتقدم نظيره ، نحو { يَدْعُ الداع } [ القمر : 6 ] .

وقرأ ابن أبي عبلة{[60569]} : «سيُدْعَى الزبانيةُ » مبنياً للمفعول ورفع «الزبانية » لقيامها مقام الفاعل .

فصل في المراد بالزبانية

قال ابن عباس : الملائكة الغلاظ الشداد ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة وبلغ إلى قوله تعالى : { لَنَسْفَعاً بالناصية } قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك ، قال الله تعالى : { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزبانية } فلما ذكر الزبانية رجع فزعاً ، فقيل له : أخشيت منه ؟ .

قال : لا ، ولكن رأيت عنده فارساً ، فهددني بالزبانية فما أدري ما الزبانية ؛ ومال إليَّ الفارس ، فخشيت منه أن يأكلني .

قال ابن عباس - رضي الله عنه - : والله لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته . خرجه الترمذي بمعناه{[60570]} .


[60565]:ينظر: الكشاف 4/779.
[60566]:ينظر القرطبي 20/85، والدر المصون 6/547.
[60567]:البيت لأوس بن حجر ينظر ديوانه (121)، والمحتسب 2/108، والكامل 3/385، والحجة للفارسي 1/265، ومجمع البيان 1/779، والبحر 8/487، الدر المصون (6/548).
[60568]:سقط من: ب.
[60569]:ينظر: الكشاف (4/779)، والبحر المحيط (8/491)، والدر المصون (6/548).
[60570]:أخرجه الترمذي (5/414)، كتاب: التفسير رقم (3349) والنسائي في "الكبرى" (6/158) من طريق عكرمة عن ابن عباس وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.