الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ} (18)

قوله : { الزَّبَانِيَةَ } : قال الزمخشري : " الزَّبانية في كلامِ العربِ : الشُّرَطُ ، الواحد زِبْنِيَة كعِفْرِية ، مِنْ الزَّبْن وهو الدفعُ . وقيل : زِبْنيّ وكأنه نُسِبَ إلى الزَّبْن ، ثم غُيِّر للنَّسَبِ ، كقولهم : إمْسيّ وأصلُه زَبانيّ ، فقيل : زبانِيَة على التعويض " ، وقال عيسى بن عمر والأخفش : " واحدُهم زابِن : وقيل : لا واحدَ له مِنْ لفظِه كعَباديد وشماطيط " ، والحاصلُ أنَّ المادةَ تَدُلُّ على الدَّفْعِ قال :

مطاعيمُ في القُصْوى مطاعينُ في الوغَى *** زبانيَةٌ غُلْبٌ عِظامٌ حُلُومُها

وقال آخر :

ومُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يَرى مِنْ أناتِنا *** ولو زَبَنَتْه الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ

وقال عتبة : " وقد زبَنَتْنا الحربُ وزبَنَّاها " ، ومنه الزُّبون لأنَّه يُدْفع مِنْ بائعٍ إلى آخر . وقرأ العامَّة " سَنَدْعُ " بنونِ العظمة ، ولم تُرْسَمْ بالواو ، وقد تقدَّم نظيرُه نحو : " يَدْعُ الداعِ " . وقرأ ابنُ أبي عبلة " سَيُدْعى الزبانيةُ " مبنياً للمعفولِ ، ورَفْعُ الزَّبانية لقيامِها مقامَ الفاعل .