تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

فاستمرت غفلتكم ولهوتكم [ وتشاغلكم ] { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } فانكشف لكم حينئذ الغطاء ، ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه .

ودل قوله : { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } أن البرزخ دار مقصود منها النفوذ إلى الدار الباقية{[1474]} ، أن الله سماهم زائرين ، ولم يسمهم مقيمين .


[1474]:- في ب: الآخرة.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر . . استيقظوا وانظروا . . فقد ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

وقوله : { حَتّى زُرْتُمُ المَقابِرَ } يعني : حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها ، وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر ؛ لأن الله تعالى ذكره ، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر ، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور ، وعيدا منه لهم وتهدّدا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن عطية ، عن قيس ، عن حجاج ، عن المنهال ، عن زِرّ ، عن عليّ ، قال : كنا نشكّ في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه الاَية : { ألهَاكَمُ التّكاثُرُ } . . . إلى : { كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ في عذاب القبر } .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلىَ ، عن المنهال ، عن زِرّ ، عن عليّ ، قال : نزلت ( ألهَاكُمُ التّكاثُرُ ) في عذاب القبر .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حَكّام ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن المنهال بن عمرو ، عن زِرّ ، عن عليّ ، قال : ما زلنا نشكّ في عذاب القبر ، حتى نزلت : { ألهَاكُمُ التّكاثُرُ حَتّى زُرْتُمُ المَقابِرَ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

وقوله : { حتى زرتم المقابر } غاية ، فيحتمل أن يكون غاية لفعل { ألهاكم } كما في قوله تعالى : { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } [ طه : 91 ] ، أي دَام إلهاء التكاثر إلى أن زرتم المقابر ، أي استمرّ بكم طولَ حياتكم ، فالغاية مستعملة في الإِحاطة بأزمان المغيَّا لا في تنهيته وحصول ضده لأنهم إذا صاروا إلى المقابر انقطعت أعمالهم كلها .

ولكون زيارة المقابر على هذا الوجه عبارة عن الحلول فيها ، أي قبورَ المقابر . وحقيقة الزيارة الحلول في المكان حلولاً غير مستمر ، فأطلق فعل الزيارة هنا تعريضاً بهم بأن حلولهم في القبور يعقبه خروج منها .

والتعبير بالفعل الماضي في { زرتم } لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لأنه محقق وقوعه مثل : { أتى أمرُ اللَّه } [ النحل : 1 ] .

ويحتمل أن تكون الغاية للمتكاثر بهِ الدالِّ عليه التكاثُر ، أي بكل شيء حتى بالقبور تعدونها . وهذا يجري على ما رَوَى مقاتل والكلبي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بكثرة السادة منهم ، كما تقدم في سبب نزولها آنفاً ، فتكون الزيارة مستعملة في معناها الحقيقي ، أي زرتم المقابر لتَعُدُّوا القبور ، والعرب يكنّون بالقبر عن صاحبه قال النابغة :

لَئِنْ كان للقَبْرين قَبْرٍ بجِلَّقٍ *** وقَبر بصيداءَ الذي عند حَارِب

وقال عصام بن عُبيد الزّمَّاني ، أو همّام الرَّقَاشي :

لو عُدَّ قَبْرٌ وقبرٌ كُنتُ أقربَهم *** قبراً وأبْعَدَهم من مَنزِل الذَّام

أي كنتُ أقربهم منكَ قبراً ، أي صاحبَ قبر .

و{ المقابر } : جمع مقبَرة بفتح الموحدة وبضمها . والمقبرة الأرض التي فيها قبور كثيرة .

والتوبيخ الذي استُعمل فيه الخبر أُتبع بالوعيد على ذلك بعد الموت ، وبحرف الزجر والإِبطال بقوله : { كلا سوف تعلمون } فأفاد { كلا } زجراً وإبطالاً لإِنهاء التكاثر .