ثم قال تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقهم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } أي : ولئن سألت المشركين عن توحيد الربوبية ، ومن هو الخالق ، لأقروا أنه اللّه وحده لا شريك له .
{ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي : فكيف يصرفون عن عبادة اللّه والإخلاص له وحده ؟ !
فإقرارهم بتوحيد الربوبية ، يلزمهم به الإقرار بتوحيد الألوهية ، وهو من أكبر الأدلة على بطلان الشرك .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّىَ يُؤْفَكُونَ * وَقِيلِهِ يَرَبّ إِنّ هََؤُلاَءِ قَوْمٌ لاّ يُؤْمِنُونَ } .
يقول تعالى ذكره : ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك : من خلقهم ؟ ليقولنّ : اللّهُ خلقنا فَأنّى يُؤْفَكُونَ فأيّ وجه يصرفون عن عبادة الذي خلقهم ، ويحرمون إصابة الحقّ في عبادته .
بعد أن أمعن في إبطال أن يكون إله غير الله بما سِيق من التفصيلات ، جاء هنا بكلمة جامعة لإبطال زعمهم إلهية غير الله بقوله : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } أي سألتهم سؤال تقرير عمن خلقهم فإنه يُقرّون بأن الله خلقهم ، وهذا معلوم من حال المشركين كقول ضِمام بن ثعلبة للنبيء صلى الله عليه وسلم « أسألك بربّك وربّ من قبلك آلله أرسلك » ولأجل ذلك أُكِّد إنهم يقرون لله بأنه الخالق فقال : { ليقولن الله } ، وذلك كاففٍ في سفاهة رأيهم إذ كيف يكون إلها من لم يخلق ، قال تعالى : { أفمن يخلق كمَن لا يخلق أفلا تذكرون } [ النحل : 17 ] .
والخطاب في قوله : { سألتهم } للنبيء صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون لغير معيّن ، أي إن سألهم من يتأتى منه أن يسأل . وفرع على هذا التقرير والإقرار الإنكارُ والتعجيبُ من انصرافهم من عبادة الله إلى عبادة آلهة أخرى بقوله : { فأنى يؤفكون } .
و ( أنّى ) اسم استفهام عن المكان فمحله نصب على الظرفية ، أي إلى أيِّ مكان يصرفون . و { يؤفكون } يُصْرَفون : يقال : أفكَه عن كذا ، يأفِكه من بابْ ضَرب ، إذا صرفه عنه ، وبُني للمجهول إذ لم يصرفهم صارف ولكن صرفوا أنفسهم عن عبادة خالقهم ، فقوله : { فأنى يؤفكون } هو كقول العرب : أين يُذهَب بك ، أي أين تذهب بنفسك إذ لا يريدون أن ذاهباً ذهب به يسألونه عنه ولكن المراد : أنه لم يذهب به أحد وإنما ذهب بنفسه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.