اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (87)

قوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله . . . } الآية ظن قوم أن هذه الآية وأمثالها في القرآن تدل على أن القوم مضطرونَ إلى الاعتراف بوجود الإله قال الجبائي : وهذا لا يصح لأن قوم فرعون قالوا : لا إله ( لهم ){[50149]} غيره . وقوم إبراهيم قالوا : إنَّ لَفِي شَكِّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إلَيْهِ ( مُرِيبٍ ){[50150]} .

وأجيب : بأنا لا نسلم أن قوم فرعون كانوا منكرين لوجود الإله ، بدليل قوله تعالى : { وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [ النمل : 14 ] وقال موسى عليه الصلاة والسلام : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هؤلاء إِلاَّ رَبُّ السماوات والأرض بَصَآئِرَ } [ الإسراء : 102 ] على قراءة من فتح التاء من «عَلمتَ »{[50151]} وهذا يدل على أن فرعون كان عارفاً بالله . وأما قول قوم إبْراهيم ( عليه الصلاة{[50152]} والسلام ) : «وَإِنَّا لَفِي شَكِّ مِمَّا تَدْعُونا إلَيْهِ » فهو مصروف إلى إثبات القيامة ، وإثبات التكليف ، وإثبات النبوة{[50153]} .

قوله : { فأنى يُؤْفَكُونَ } أي لم يكذبون على الله فيقولون : إنَّ الله أمرنا بعبادة الأصنام{[50154]} ؟


[50149]:سقط من ب.
[50150]:زيادة من ب.
[50151]:حفص عن عاصم وهي متواترة.
[50152]:زيادة من أ.
[50153]:انظر الرازي 27/333.
[50154]:الرازي السابق.