تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

أي : { و } أرسلنا { إِلَى عَادٍ } الأولى ، الذين كانوا في أرض اليمن { أَخَاهُمْ } في النسب { هُودًا } عليه السلام ، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك والطغيان في الأرض .

ف { قَالَ } لهم : { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ } سخطه وعذابه ، إن أقمتم على ما أنتم عليه ، فلم يستجيبوا ولا انقادوا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

59

وتمضي عجلة التاريخ ، ويمضي معها السياق ، فإذا نحن أمام عاد قوم هود :

( وإلى عاد أخاهم هودا ، قال : يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، أفلا تتقون ؟ قال الملأ الذين كفروا من قومه : إنا لنراك في سفاهة ، وإنا لنظنك من الكاذبين . قال : يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين . أبلغكم رسالات ربي ، وأنا لكم ناصح أمين . أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ؟ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ، وزادكم في الخلق بسطة ، فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون . قالوا : أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا ؟ فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . قال : قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب ، أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان ؟ فانتظروا ، إني معكم من المنتظرين . فأنجيناه والذين معه برحمة منا ، وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا ، وما كانوا مؤمنين ) .

إنها نفس الرسالة ، ونفس الحوار ، ونفس العاقبة . . إنها السنة الماضية ، والناموس الجاري ، والقانون الواحد . .

إن قوم عاد هؤلاء من ذراري نوح والذين نجوا معه في السفينة ، وقيل : كان عددهم ثلاثة عشر . . وما من شك أن أبناء هؤلاء المؤمنين الناجين في السفينة كانوا على دين نوح عليه السلام - وهو الإسلام - كانوا يعبدون الله وحده ، ما لهم من إله غيره ، وكانوا يعتقدون أنه رب العالمين ، فهكذا قال لهم نوح : ( ولكني رسول من رب العالمين ) . . فلما طال عليهم الأمد ، وتفرقوا في الأرض ، ولعب معهم الشيطان لعبة الغواية ، وقادهم من شهواتهم - وفي أولها شهوة الملك وشهوات المتاع - وفق الهوى لا وفق شريعة الله ، عاد قوم هود يستنكرون أن يدعوهم نبيهم إلى عبادة الله وحده من جديد :

( وإلى عاد أخاهم هودا ، قال : يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره . أفلا تتقون ؟ )

القولة التي قالها نوح من قبله ، والتي كذب بها قومه ، فأصابهم ما أصابهم ، واستخلف الله عادا من بعدهم - ولا يذكر هنا أين كان موطنهم ، وفي سورة أخرى نعلم أنهم كانوا بالأحقاف ، وهي الكثبان المرتفعة على حدود اليمن ما بين اليمامة وحضرموت - وقد ساروا في الطريق الذي سار فيه من قبل قوم نوح ، فلم يتذكروا ولم يتدبروا ما حل بمن ساروا في هذا الطريق ، لذلك يضيف هود في خطابه لهم قوله : ( أفلا تتقون ؟ ) استنكاراً لقلة خوفهم من الله ومن ذلك المصير المرهوب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِلَىَ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتّقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا ولذلك نصب «هودا » ، لأنه معطوف به على نوح عليهما السلام . قَالَ هود : يا قَوْمِ اعْبُدُوا الله فأفردوا له العبادة ، ولا تجعلوا معه إلها غيره ، فإنه ليس لكم إله غيره . أفلا تَتّقُونَ ربكم فتحذرونه وتخافون عقابه بعبادتكم غيره ، وهو خالقكم ورازقكم دون كلّ ما سواه ؟

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

{ عاد } اسم الحي ، و { أخاهم } نصب ب { أرسلنا } [ الأعراف : 59 ] فهو معطوف على نوح ، وهذه أيضاً نذارة من هود عليه السلام لقومه ، وتقدم الخلاف في قراءة { غيره } وقوله { أفلا تتقون } استعطاف إلى التقى والإيمان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

يجوز أن يكون العطف من عطف الجمل بأن يقدّر بعد واو العطف « أرسلنا » لدلالة حرف ( إلى ) عليه ، مع دلالة سبق نظيره في الجملة المعطوف عليها ، والتّقدير وأرسلنا إلى عادٍ ، فتكون الواو لمجرّد الجمع اللّفظي من عطف القصّة على القصّة وليس من عطف المفردات ، ويجوز أن يكون من عطف المفردات : عَطَفت الواو { هوداً } على { نوحاً } [ الأعراف : 59 ] ، فتكون الواو نائية عن العامل وهو { أرسلنا } [ الأعراف : 59 ] ، والتّقدير : « لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه وهوداً أخا عاد إليهم وقدمت ( إلى ) فهو من العطف على معمولي عامل واحدٍ ، وتقديم ( إلى ) اقتضاه حسن نظم الكلام في عود الضّمائر ، والوجه الأوّل أحسن .

وقدّم المجرور على المفعول الأصلي ليتأتى الإيجاز بالإضمار حيث أريد وصف هود بأنّه من إخوة عاد ومن صميمهم ، من غير احتياج إلى إعادة لفظ عاد ، ومع تجنّب عود الضّمير على متأخر لفظاً ورتبةً ، فقيل وإلى عاد أخاهم هوداً و { هوداً } بدل أو بيان من { أخاهم } .

وعادٌ أمّة عظيمة من العرب العاربة البائدة ، وكانوا عشر قبائل ، وقيل ثلاث عشرة قبيلة وهم أبناء عاد بن عُوص ، وعوص هو ابن إرَمَ بن سَام بننِ نوح ، كذا اصطلح المؤرّخون .

وهود اختلف في نسبه ، فقيل : هو من ذرّية عاد ، فقال القائلون بهذا : هو ابن عبد الله بن رَبَاح بن الخلود بن عَاد ، وقيل : هو من ذرّية سام جدّ عادٍ ، وليس من ذرّية عاد ، والقائلون بهذا قالوا هو هُود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ، وذكر البغوي عن عَلي : أنّ قبر هُود بحضرَمَوتَ في كثيب أحمر ، وعن عبد الرحمن بن سابط : أنّ قبْرَ هود بين الرّكن والمَقام وزمزم .

وعَادٌ أريد به القبيلة وساغ صرفه لأنه ثلاثي ساكن الوسط ، وكانت منازل عاد ببلاد العرب بالشِّحْر بكسر الشّين المعجمة وسكون الحاء المهملة من أرض اليمن وحَضر موت وعُمَان والأحقافِ ، وهي الرّمال التي بين حضر موت وعُمَان .

والأخُ هنا مستعمل في مطلق القريب ، على وجه المجاز المرسل ومنه قولهم يا أخَا العرب ، وقد كان هود من بني عادٍ ، وقيل : كان ابنَ عم إرَم ، ويطلق الأخ مجازاً أيضاً على المصاحب الملازم ، كقولهم : هو أخو الحَرْب ، ومنه { إنّ المبَذّرين كانُوا إخوانَ الشّياطين } [ الإسراء : 27 ] وقوله { وإخوانهمُ يمدّونهم في الغي } [ الأعراف : 202 ] . فالمراد أنّ هوداً كان من ذوي نسب قومه عاد ، وإنَّما وصف هود وغيره بذلك ، ولم يُوصف نوح بأنّه أخ لقومه : لأنّ النّاس في زمن نوح لم يكونوا قد انقسموا شعوباً وقبائل ، والعرب يقولون : للواحد من القبيلة : أخو بني فلان ، قصداً لعزوه ونسبته تمييزاً للنّاس إذ قد يشتركون في الأعلام ، ويؤخذ من هذه الآية ونظائرها أنّ نظام القبائل مَا حدث إلاّ بعد الطُّوفان .