تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل } أي : يهنىء بعضهم بعضا ، بأعظم مهنأ به ، وهو : نعمة ربهم ، وفضله ، وإحسانه ، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } بل ينميه ويشكره ، ويزيده من فضله ، ما لا يصل إليه سعيهم .

وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم ، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير ، وزيارة بعضهم بعضا ، وتبشير بعضهم بعضا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

121

وقد عرفوا هذا واستيقنوه من حياتهم " عند ربهم " ومن تلقيهم لما يفيضه عليهم من نعمة وفضل ، ومن يقينهم بأن هذا شأن الله مع المؤمنين الصادقين . وأنه لا يضيع أجر المؤمنين . .

فما الذي يبقى من خصائص الحياة غير متحقق للشهداء - الذين قتلوا في سبيل الله ؟ - وما الذي يفصلهم عن إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ؟ وما الذي يجعل هذه النقلة موضع حسرة وفقدان ووحشة في نفس الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ؛ وهي أولى أن تكون موضع غبطة ورضى وأنس ، عن هذه الرحلة إلى جوار الله ، مع هذا الاتصال بالأحياء والحياة !

إنها تعديل كامل لمفهوم الموت - متى كان في سبيل الله - وللمشاعر المصاحبة له في نفوس المجاهدين أنفسهم ، وفي النفوس التي يخلفونها من ورائهم . وإفساح لمجال الحياة ومشاعرها وصورها ، بحيث تتجاوز نطاق هذه العاجلة ، كما تتجاوز مظاهر الحياة الزائلة . وحيث تستقر في مجال فسيح عريض ، لا تعترضه الحواجز التي تقوم في أذهاننا وتصوراتنا عن هذه النقلة من صورة إلى صورة ، ومن حياة إلى حياة !

ووفقا لهذا المفهوم الجديد الذي أقامته هذه الآية ونظائرها من القرآن الكريم في قلوب المسلمين ، سارت خطى المجاهدين الكرام في طلب الشهادة - في سبيل الله - وكانت منها تلك النماذج التي ذكرنا بعضها في مقدمات الحديث عن هذه الغزوة . فيرجع إليها هناك .

/خ179