تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

{ 47 - 50 } { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ }

يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار ، وعتاب بعضهم بعضًا واستغاثتهم بخزنة النار ، وعدم الفائدة في ذلك فقال : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } يحتج التابعون بإغواء المتبوعين ، ويتبرأ المتبوعون من التابعين ، { فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ } أي : الأتباع للقادة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } على الحق ، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله . { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزينتم لنا الشرك والشر ، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } أي : ولو قليلاً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

21

فأما في الآية التالية فقد كانت القيامة فعلاً ، والسياق يلتقط لهم موقفاً في النار ! وهم يتحاجون فيها :

( فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً . فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ? ) .

إن الضعفاء إذن في النار مع الذين استكبروا . لم يشفع لهم أنهم كانوا ذيولاً وإمعات ! ولم يخفف عنهم أنهم كانوا غنماً تساق ! لا رأي لهم ولا إرادة ولا اختيار !

لقد منحهم الله الكرامة . كرامة الإنسانية . وكرامة التبعة الفردية . وكرامة الاختيار والحرية . ولكنهم هم تنازلوا عن هذا جميعاً . تنازلوا وانساقوا وراء الكبراء والطغاة والملأ والحاشية . لم يقولوا لهم : لا . بل لم يفكروا أن يقولوها . بل لم يفكروا أن يتدبروا ما يقولونه لهم وما يقودونهم إليه من ضلال . . ( إنا كنا لكم تبعاً ) . . وما كان تنازلهم عما وهبهم الله واتباعهم الكبراء ليكون شفيعاً لهم عند الله . فهم في النار . ساقهم إليها قادتهم كما كانوا يسوقونهم في الحياة . سوق الشياه ! ثم ها هم أولاء يسألون كبراءهم : ( فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ? ) . . كما كانوا يوهمونهم في الأرض أنهم يقودونهم في طريق الرشاد ، وأنهم يحمونهم من الفساد ، وأنهم يمنعونهم من الشر والضر وكيد الأعداء !