تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

{ يؤمنون بالله واليوم الآخر } أي : كإيمان المؤمنين إيمانا يوجب لهم الإيمان بكل نبي أرسله ، وكل كتاب أنزله الله ، وخص الإيمان باليوم الآخر لأن الإيمان الحقيقي باليوم الآخر يحث المؤمن به على ما يقر به إلى الله ، ويثاب عليه في ذلك اليوم ، وترك كل ما يعاقب عليه في ذلك اليوم { ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } فحصل منهم تكميل أنفسهم بالإيمان ولوازمه ، وتكميل غيرهم بأمرهم بكل خير ، ونهيهم عن كل شر ، ومن ذلك حثهم أهل دينهم وغيرهم على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم وصفهم بالهمم العالية { و } أنهم { يسارعون في الخيرات } أي : يبادرون إليها فينتهزون الفرصة فيها ، ويفعلونها في أول وقت إمكانها ، وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده ، فهؤلاء الذين وصفهم الله بهذه الصفات الجميلة والأفعال الجليلة { من الصالحين } الذين يدخلهم الله في رحمته ويتغمدهم بغفرانه وينيلهم من فضله وإحسانه ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلََئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ }

يعني بقوله جلّ وعزّ : { يُؤْمِنُونَ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ } : يصدّقون بالله ، وبالبعث بعد الممات ، ويعلمون أن الله مجازيهم بأعمالهم¹ وليسوا كالمشركين الذين يجحدون وحدانية الله ، ويعبدون معه غيره ، ويكذّبون بالبعث بعد الممات ، وينكرون المجازاة على الأعمال والثواب والعقاب . وقوله : { وَيأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ } يقول : يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله ، وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاءهم به . { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ } يقول : وينهون الناس عن الكفر بالله ، وتكذيب محمد ، وما جارهم به من عند الله : يعني بذلك : أنهم ليسوا كاليهود والنصارى ، الذي يأمرون الناس بالكفر ، وتكذيب محمد فيما جارهم به ، وينهونهم عن المعروف من الأعمال ، وهو تصديق محمد فيما أتاهم به من عند الله : { وَيسارِعونَ فِي الخَيْراتِ } يقول : ويبتدرون فعل الخيرات خشية أن يفوتهم ذلك قبل معاجلتهم مناياهم . ثم أخبر جلّ ثناؤه أن هؤلاء الذين هذه صفتهم من أهل الكتاب هم من عداد الصالحين ، لأن من كان منهم فاسقا قد باء بغضب من الله ، لكفره بالله وآياته ، وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ، وعصيانه ربه ، واعتدائه في حدوده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

و { يؤمنون } معناه : يصدقون ، وفي الإيمان باليوم الآخر إيمان بالأنبياء ، لأنه من جائزات العقل التي أثبتها السمع من الأنبياء ، وقوله تعالى : { ويسارعون في الخيرات } وصف بأنهم متى دعوا إلى الخير من نصر مظلوم وإغاثة مكروب وجبر مهيض وعبادة لله أجابوا ، ومنه فعل مالك رضي الله عنه في ركعتي المسجد ، وقال : دعوتني إلى خير فأجبت إليه ، ومما يدخل في ضمن قوله تعالى : { ويسارعون في الخيرات } أن يكون المرء مغتنماً للخمس ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اغتنم خمساً قبل خمس ، شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل مماتك ، وغناك قبل فقرك ){[3442]} ، فيكون متى أراد أن يصنع خيراً بادر إليه ولم يسوف نفسه بالأمل ، فهذه أيضاً مسارعة في الخيرات ، وذكر بعض الناس قال : دخلت مع بعض الصالحين في مركب فقلت له : ما تقول أصلحك الله في الصوم في السفر ؟ فقال لي : إنها المبادرة يا ابن أخي ، قال المحدث : فجاءني والله بجواب ليس من أجوبة الفقهاء ، ثم وصف الله تعالى من تحصلت له هذه الصفات ، بأنه من جملة الصالحين ، و { من } يحسن أن تكون للتبعيض ، ويحسن أن تكون لبيان الجنس{[3443]} .


[3442]:- أخرجه الحاكم، في مستدركه، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس، وأخرجه الإمام أحمد في الزهد وأبو نعيم، والبيهقي- عن عمرو بن ميمون مرسلا، وقال: إنه حسن. "الجامع الصغير 1/157".
[3443]:- قال أبو حيان الأندلسي: "لم يتقدم شيء فيه إبهام فيبين جنسه. ويظهر أن الوصف بالصلاح زيادة على الوصف بالإسلام، ولذلك سأل بعض الأنبياء الله هذه الرتبة- قال سليمان مخاطبا ربه: [وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين]- وقال الله تعالى في حق إبراهيم: [ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين].