تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (59)

{ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي } الدالة دلالة لا يمترى فيها . على الحق { فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ } عن اتباعها { وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } فسؤال الرد إلى الدنيا ، نوع عبث ، { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإ

ِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (59)

القول في تأويل قوله تعالى : { بَلَىَ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره مكذبا للقائل : لَوْ أنّ اللّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ المُتّقِينَ ، وللقائل : لَوْ أنّ لي كَرّةً فأكُونَ مِنَ المُحْسِنِينَ : ما القول كما تقولون بَلَى قَدْ جاءَتْكَ أيها المتمني على الله الرد إلى الدنيا لتكون فيها من المحسنين آياتِي يقول : قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك ، وكتاب أنزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكر فَكَذّبْتَ بآياتي واسْتَكْبَرْتَ عن قبولها واتباعها وكُنْتُ مِنَ الكافِرِينَ يقول : وكنت ممن يعمل عمل الكافرين ، ويسنّ بسنتهم ، ويتبع منهاجهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : يقول الله ردّا لقولهم ، وتكذيبا لهم ، يعني لقول القائلين : لَوْ أنّ اللّهَ هَدانِي ، والصنف الاَخر : بَلى قَدْ جاءَتْكَ إياتي . . . الاَية .

وبفتح الكاف والتاء من قوله قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذّبْتَ على وجه المخاطبة للذكور ، قرأه القرّاء في جميع أمصار الإسلام . وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ذلك بكسر جميعه على وجه الخطاب للنفس ، كأنه قال : أن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ، بلى قد جاءتكِ أيتها النفس آياتي ، فكذّبتِ بها ، أجرى الكلام كله على النفس ، إذا كان ابتداء الكلام بها جرى ، والقراءة التي لا أستجيز خلافها ، ما جاءت به قرّاء الأمصار مجمعة عليه ، نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الفتح في جميع ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (59)

وقوله : { بلى } جواب لنفي مقدر في قوله : هذه النفس كأنها قالت : فعمري في الدنيا لم يتسع للنظر ، أو قالت : فإني لم يتبين لي الأمر في الدنيا ونحو هذا ، وحق { بلى } أن تجيء بعد نفي عليه تقرير{[9922]} .

وقرأ جمهور الناس «جاءتكَ » بفتح الكاف ، وبفتح التاء من قوله : «فكذبتَ » و «استكبرتَ وكنتَ » على مخاطبة الكافر ذي النفس . وقرأ ابن يعمر والجحدري بكسر الكاف والتاء في الثلاثة{[9923]} على خطاب النفس المذكورة . قال أبو حاتم : روتها أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقرأ الأعمش : «بلى قد جاءته » بالهاء .


[9922]:عقب أبو حيان في البحر على كلام ابن عطية هذا بقوله:"وليس حق(بلى) ما ذكر ابن عطية، بل حقها أن تكون جواب نفي ثم حمل التقرير على النفي، ولذلك لم يحمله عليه بعض العرب وأجاب النفي بـ(نعم)، ووقع ذلك أيضا في كلام سيبويه نفسه، إذ أجاب التقرير بـ(نعم) اتباعا لبعض العرب"، وفي هذا نقض للفكرة السائدة بأن جواب النفي الذي حمل عليه التقرير لا يكون في صحيح اللغة إلا بقولنا:(بلى).
[9923]:أي: الأفعال الثلاثة في قوله:{فكذبت بها واستكبرت وكنت}.