تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

فعظم تعالى شأنها وفخمه ، بما كرره من قوله : { الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

يقول تعالى ذكره : الساعة الْحاقّةُ التي تحقّ فيها الأمور ، ويجب فيها الجزاء على الأعمال ما الْحاقّةُ يقول : أيّ شيء الساعة الحاقة . وذُكر عن العرب أنها تقول : لما عرف الحاقة متى والحقة متى ، وبالكسر بمعنى واحد في اللغات الثلاث ، وتقول : وقد حقّ عليه الشيء إذا وجب ، فهو يحقّ حقوقا . والحاقة الأولى مرفوعة بالثانية ، لأن الثانية بمنزلة الكناية عنها ، كأنه عجب منها ، فقال : الحاقة : ما هي كما يقال : زيد ما زيد . والحاقة الثانية مرفوعة بما ، وما بمعنى أي ، وما رفع بالحاقة الثانية ، ومثله في القرآن وأصحَابُ اليَمِين ما أصحَابُ اليَمِينِ و القارِعَةُ ما القارِعَةُ فما في موضع رفع بالقارعة الثانية والأولى بجملة الكلام بعدها . وبنحو الذي قلنا في قوله : الْحاقّةُ قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله الْحاقّةُ قال : من أسماء يوم القيامة ، عظمه الله ، وحذّره عباده .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن شريك ، عن جابر ، عن عكرِمة قال : الْحاقّةُ القيامة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا بزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : الْحاقّةُ يعني الساعة أحقت لكل عامل عمله .

حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة الْحاقّةُ قال : أحقت لكلّ قوم أعمالهم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الْحاقّةُ يعني القيامة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : الْحاقّةُ ما الْحاقّةُ و القَارعةُ ما القارعة و الواقعةُ و الطّامّة و الصّاخّة قال : هذا كله يوم القيامة الساعة ، وقرأ قول الله : لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رَافِعَةٌ والخافضة من هؤلاء أيضا خفضت أهل النار ، ولا نعلم أحدا أخفض من أهل النار ، ولا أذلّ ولا أخرى ورفعت أهل الجنة ، ولا نعلم أحدا أشرف من أهل الجنة ولا أكرم . وقوله : وَما أدْرَاكَ ما الْحاقّةُ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وأيّ شيء أدراك وعرّفك أيّ شيء الحاقة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان قال : ما في القرآن «وما يدريك » فلم يخبره ، وما كان «وما أرداك » ، فقد أخبره .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما أدْرَاكَ ما الْحاقّةُ تعظيما ليوم القيامة كما تسمعون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

ما الحاقة وأصله ما هي أي أي شيء هي على التعظيم لشأنها والتهويل لها فوضع الظاهر موضع الضمير لأنه أهول لها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

و { ما } ، رفع بالابتداء أيضاً ، و { الحاقة } الثانية : خبر { ما } ، والجملة خبر الأول ، وهذا كما تقول : زيد ما زيد ، على معنى التعظيم له والإبهام في التعظيم أيضاً ، ليتخيل السامع أقصى جهده .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"ما الحاقّةُ": أيّ شيء الساعة الحاقة؟

وذُكر عن العرب أنها تقول: حقّ عليه الشيء إذا وجب.

كأنه عجب منها، فقال: الحاقة: ما هي؟ كما يقال: زيد ما زيد؟

و "ما "بمعنى أي... ومثله في القرآن: "وأصحَابُ اليَمِين ما أصحَابُ اليَمِينِ"

" و القارِعَةُ ما القارِعَةُ".

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ما الحاقة}؟ فهو تعظيم أمر ذلك اليوم كما يقال: فلان، ما فلان؟ إذا وصف بالغاية في القوة والسخاوة أو نحوه...

ثم قوله عز وجل {الحاقة} {ما الحاقة}؟ {وما أدراك ما الحاقة}؟ وقوله تعالى: {القارعة} {ما القارعة}؟ {وما أدراك ما القارعة}؟ [القارعة1و2و3] يحتمل أن يكون هذا مخاطبة كل مكذب بالبعث، لا مخاطبة الرسول كقوله تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}؟ [الانفطار: 6] الذي إنه خطاب لمن يغتر بالدنيا لا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعالى، وجائز أن يكون يخاطب به رسوله عليه السلام، فإن صرف الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتضى معنى غير ما يقتضيه لو أريد بالخطاب المكذبون. والأصل أن قول القائل: فلان وما فلان؟ يوجب اجتذاب الأسماع، ويستدعي السامع للبحث في الشاهد، لأنه إنما يذكر فلان بهذا لأعجوبة فيه أو لعظم أمره فيستبحث عن ذلك ليوقعه على تلك الأعجوبة التي فيه. فإن كان الخطاب للمكذبين دعاهم ذلك إلى تعرف ما فيه من الأعجوبة والتعظيم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

كأنه قيل هذه الحاقة، ثم قيل أي شيء الحاقة؟ تفخيما لشأنها.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان ذلك كله أمراً رائعاً للعقول، هازاً للقلوب، مزعجاً للنفوس، وكان ربما توقف فيه الجلف الجافي، أكد أمره وزاد في تهويله، وأطنب في تفخيمه وتبجيله، إشارة إلى أن هوله يفوت الوصف بقوله، معلماً أنه مما يحق له أن يستفهم عنه سائقاً له بأداة الاستفهام مراداً بها التعظيم للشأن، وأن الخبر ليس كالعيان: {ما الحاقة}... و أكثر ما يكون ذلك إذا أريد معنى التعظيم والتهويل...